البطاقات الائتمانية - بيع المرابحة للآمر بالشراء


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

وبعد:

أيها الإخوة! في ظل التصارع المحموم، والتسارع العظيم -فيما يسمى بالمصرفية- المصرفية التقليدية، والمصرفية الإسلامية- كثرت بعض المنتجات، وتسارعت البنوك إسلامية أو ربوية في أخذ هذه المنتجات، وتسويقها، وأوجدت أقساماً خاصة للتسويق، وأقساماً خاصة للابتكارات مما يسمى بالهندسة المالية، كل ذلك استجلاباً لأموال الناس، وكسباً للأرباح، دون نظر إلى حل أو حرمة، وربما إلى نظر إلى الحل والحرمة لكن دون تمحيص وتدقيق! ولربما أحلت المعاملة بأدنى شبهة للإباحة! والواجب على المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى في كل معاملة يدخلها.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة التجارة، فروى الخمسة إلا الترمذي من حديث قيس بن أبي غرزة قال: ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمى يومئذٍ السماسرة، فقال: يا معشر التجار! فالتفتنا، فقال: إن البيع يحضره الحلف واللغو، فشوبوه بالصدقة ).

فالتجارة يعتريها ما يعتري المسلم من مبالغة في السلعة، ومن تعييب لما في أيدي الناس؛ حتى يقوموا باستجلاب الأموال، وباستضخام الفلوس وغير ذلك من الأشياء.

ومما أفرزته لنا المصرفية ما يسمى بالبطاقات الدائنية، أو بالبطاقات الائتمانية، وهذه البطاقات الائتمانية كثر الخلط فيها، وكثر بعض الذين ينتسبون إلى المصرفية الإسلامية فيسمون هذه إسلامية، وهي ليست إسلامية! وعلى هذا فيجب علينا أن نتحرى أيما تحرٍّ، وأن ندقق أيما تدقيق في أي معاملة تعتريها، وأن نعلم أن هذه الهيئة الشرعية التي خرجت منها هذه البطاقة أو هذه المعاملة من ذلك البنك هي من أهل العلم الثقات الأثبات، أم أن بعض البنوك التقليدية تضع فيها فتوى من الهيئة الشرعية فيسكتون؟ فلا بد أن يكون عند هذه البنوك نوع من احترام مشاعر الآخرين، ومن تقدير فهومهم.

نعم، يوجد مصرفية إسلامية حقيقية ولله الحمد والمنة، بل نأتي ونفاخر بها، ففي عام ألف وتسعمائة وواحد وسبعين ميلادية لم يكن إلا بنك واحد أو بنكان هما: بنك دبي الإسلامي، وبنك ناصر الاجتماعي في مصر، واليوم أصبحت البنوك الإسلامية كثيرة، قرابة أربعمائة بنك إسلامي، وأصبحت تنافس، لا أقول بالمليار، ولا مائة مليار، ولا ثلاثمائة مليار، بل بالمليارات الكثيرة حتى إن كثيراً من أصحاب رؤساء الدول بدءوا باستعطاف أصحاب رءوس الأموال في الدول العربية والإسلامية في أن يفتحوا بنوكاً ولو كانت على الطريقة الإسلامية!

كل ذلك دليل على المصداقية والتفاعل والواقع حتى إن أكبر بنوك العالم مثل سيتي بنك، وإتش بي سي كلها أصبح لها فروع اسمها فروع أو النوافذ الإسلامية!

وبغض النظر عن بعض الأخطاء أو بعض الممارسات لكن يعطيك هذا تصوراً أن هذه البنوك أصبحت عيناً بعد خبر، وأصبحت حقيقة بعد خيال، وأصبحت واقعاً ملموساً بعد أن كانت حلماً متوقعاً، ومع ذلك ففيها دخن؛ ولأجل هذا نعلم أن أغلب تلك المنتجات هي منتجات تقليدية ربوية، فتأتي البنوك المصرفية الإسلامية لتحور هذه المعاملات، وتزيل ما فيها من شبهة، وتبقي ما فيها من إباحة فتحتلها، ومن ذلك البطاقات الدائنية، أو البطاقات الائتمانية.

أيها الإخوة! لابد أن نعلم أن مثل هذه البطاقات لا يمكن أن تكون بدون مقابل، فلا تتصور أن البنوك الإسلامية تقرضك قرضاً حسناً، اعلم أنه لا يوجد شيء اسمه قرض حسن بالمعنى الذي عند السلف، وهو أنها ترجو الدار الآخرة، هذا لا يمكن، وبالتالي استحضر هذه القضية، وبالمقابل لا يتوجسك الخوف والريبة في كل معاملة إذا قيل عنها إسلامية، فتقول: والله إن هذه البنوك ما جاءت إلا لتأكل أموالنا، لا، اجعل حالتك وسطاً، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

وعلى هذا فإننا نقول: إن البطاقات الائتمانية على سبيل العموم تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: البطاقات المغطاة، ومعنى البطاقة المغطاة: هي البطاقة التي فيها رصيد من حسابك، أو أنها تخول حاملها أن يسحب من حسابه الجاري، وهذه البطاقات على نوعين:

النوع الأول: بطاقة السحب الفوري التي هي عند عامة الناس، والتي تسمى بطاقة الصراف الآلي، وهذه تسمى كذلك ديبت كارد، وهذه لا بأس بها؛ لأنها ليست ديناً؛ ولأنك تسحب من حسابك الجاري، فإن كان في حسابك فيه ألف استطعت أن تسحب ألفاً وما دون، ولا تستطيع أن تسحب أكثر من ذلك.

النوع الثاني: بطاقة مسبقة الدفع، حيث إن البنك يستطيع أن يعطيك بطاقة تستطيع أن تشحن فيها نقوداً، ولها رسوم خدمة: مائتا ريال، أو ثلاثمائة ريال، أو مائة خمسون ريالاً، ثم تأخذها لتشحن فيها نقداً كي تقوم بعملية الشراء عن طريق الإنترنت، أو بدلاً من أن تأخذ بطاقات ائتمانية كبطاقات الكريدت كارد أو تشارج كارد، أو مريكان إكس برس، أو ماستر كارد، فلأجل هذا تأخذ هذه البطاقة الائتمانية، وتضمها وتدفع لها نقوداً، فيكون البنك مقرضاً لك، لكنها تعمل عمل البطاقات الائتمانية التي يقوم البنك بإقراضك أنت، فهذه الأصل فيها الجواز، ولا حرج بأخذ رسوم إصدار؛ لأن أخذ الرسوم لأجل أجرة العمل، وأجرة العمل هي أن حاملها يخول له سحب أمواله من أي مكان في آلات الصرف، وهذا نوع خدمة، والأصل أن المال مقابل عمل، وهذا لا بأس به زادت القيمة أم نقصت؛ فليس أصلها القرض، فلا بأس بشراء الذهب والفضة والمصارفة؛ لأنها تعتبر نقداً، وهذه من النقود الإلكترونية، فإذا ذهبت إلى محل تجاري يبيع الذهب، فوجدت طقماً من الذهب بقيمة مائتي دينار فاستحسنته فأخرجت بطاقة الديبت كارد، وأعطيتها إياه، فقام بسحبها من نقطة البيع الإلكترونية، ثم طلب منك التوقيع، فإن هذا يعتبر قبضاً؛ لأن المبلغ الذي في حسابك بقيمة هذه السلعة من الذهب قد انتقلت إلكترونياً من حسابك إلى حساب صاحب المحل.

إذاً هذه العملية البسيطة التي لا تدري عنها هي اتصال من صاحب المحل إلى بنكه: أطلب منك أن تخاطب بنك العميل، هل لدى حسابه هذا المبلغ؟ وبنك التاجر ربما لا يعلم بنك العميل، فيقوم بمخاطبة منظمة اسمها منظمة فيزا، أو شبكة سامبا، مثل: السعودية فعندنا الشبكة السعودية، وعندكم أنتم شبكة أيضاً، مخاطبة مؤسسة النقد، أو البنك المركزي، هذه بطاقة من؟ يقول: هذه بطاقة بيت التمويل الكويتي، هذه بطاقة البنك الوطني، من عميله؟ يقول: فلان بن فلان، انظر فقط الإجراء هذا، فإذا عرفناه واطلعنا على حسابه يقبل، وينتقل المبلغ الذي من حساب العميل عن طريق بنكه إلى بنك التاجر ويدخل في حسابه، ولا بأس بذلك إن شاء الله.

القسم الثاني: البطاقات غير المغطاة، ويقصد بالبطاقات غير المغطاة: البطاقات التي قامت على الدين من قبل مصدرها لحاملها، فمصدر البطاقة هو مقرض، أو إن شئت فقل على سبيل الدقة: هو متهيء للإقراض؛ لأن حامل هذه البطاقة لاا يلزم أن يكون اقترض حتى يقوم بعملية السحب، فالمصرف مثلاً مستعد لإقراض لحاملها، وهو أيضاً ضامن لحاملها، وسوف نأتي إلى هذا الكلام، ولهذا سميت كريدت؛ لأن معجم أكسفورد يرى أن كريدت معناها: الدين، فهي بطاقات غير مغطاة لها سقف ائتماني، ففي البطاقة الفضية مثلاً لك أن تسحب بمقدار سبعة آلاف ريال سعودي مثلاً، أو خمسة آلاف، والبطاقة الذهبية عشرة آلاف، وعلى هذا فقس.

هذه البطاقات غير المغطاة هي المشكلة، وهي الدقيقة، وهي التي بحاجة إلى تأن وتروٍّ، واعلم أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ما لم يدخلها ثلاث قواعد، فإذا انتفت المعاملة من شبهة هذه القواعد الثلاث فاحكم وأنت مرتاح بالإباحة، فإذا سلمت من قاعدة الربا بأنواعه، وسلمت من قاعدة الغرر والقمار بأنواعه، وسلمت من قاعدة الغش والخداع والتدليس والتلبيس وأكل أموال الناس بالباطل بأنواعه، فإن سلمت من هذه القواعد الثلاث فاحكم بالإباحة، وإلا فإنه لا بد من وقفة تأمل وتروٍّ؛ لأن بعض البنوك تستطيع أن توجد بما يسمى بالهندسة المالية بتصويرات ربما لا يفهمها أكثر الناس وأكثر المتخصصين.

بطاقة كريدت كارد

البطاقات غير المغطاة تنقسم إلى قسمين؛ لأن هذه الجديدة تدخل في مسبقة الدفع:

القسم الأول: بطاقة (كريدت كارد) يعني: بطاقة الدين، هذه البطاقة تخول حاملها أن يشتري بمقدار التسهيل الائتماني لحامله، فيقال: لك أن تشتري بمقدار عشرة آلاف ريال سعودي، أو سبعة آلاف ريال سعودي على حسب قوتك في راتبك، وفي حسابك الجاري، وفي تدفقاتك النقدية لدى البنك، فأحياناً يعطيك بطاقة ذهبية لك أن تشتري إلى مائة ألف، وأحياناً يعطيك البطاقة الماسية فيمكنك أن تسحب إلى ثلاثمائة ألف، فهذا يختلف بحسب قوتك وتدفقاتك النقدية لدى حسابك في هذا البنك.

واعلم أن البنك حين يصدر لك هذه البطاقة فإن الحساب مربوط بالحساب الجاري، بمعنى: أنك لو سحبت خمسة آلاف وراتبك سبعة آلاف وليس في رصيدك الآن شيء فهذا الدين مربوط بحسابك الجاري بحيث يسمونه حساب الناقص، فبمجرد أن يأتي راتبك من قبل الدولة أو من قبل الشركة وقبل أن يدخل في حسابك هناك كماشة اسمها كماشة الناقص لدى البنك، يأخذ الخمسة ويسقط ألفين؛ لأنه مربوط بالحساب الجاري.

فبطاقة (كريدت كارد) فيها شروط ربوية، ولهذا لا تتعامل البنوك الإسلامية بهذه البطاقة، وإن سماها أكثر الباحثين بطاقة (كريدت كارد) لكن التسمية ليست صحيحة، وسوف نتحدث أن التسمية الحقيقية هي الموجودة في البنوك الإسلامية، أو عند تعاملات البنوك الإسلامية.

بطاقة (كريدت كارد) لها خصائص، فمن خصائصها:

أولاً: تخول لحاملها أن يسحب من رصيد البنك المصدر.

ثانياً: أن يكون البنك ضامناً لحاملها لدى المتجر، فكأن الحامل حينما يأتي إلى مركز تجاري مثل: الوافي، فإذا ذهبت إلى الوافي، فاشتريت بخمسة آلاف، فالوافي لا يعرفني، فيمضي هذه البطاقة، فيخاطب بنكه، صاحب نقطة البيع: هل تعرف هذا؟ فيقول: ساتصل على منظمة فيزا، أو أمريكان إكسبرس، فيقول: تعرف هذا فيقول: سأخاطب بنك حاملها، فيقول مصدر البطاقة: نعم، أنا ضامن لك -يا بنك التاجر- أن أعطي عميلك التاجر هذا المبلغ فأعطه المبلغ، فيعطيه المبلغ بعد إمرارها، وأخذ توقيع عليها، فيكون عبد الله قد اقترض من بنك مصدر البطاقة، قال البنك: سأقرضك إلى سبعة آلاف، ولا آخذ عليك فائدة، فهل يعقل أن يعطيني ولا يأخذ؟ قال: نعم، قلت: إذاً كيف تربح؟ قال: أنا أربح من التاجر نفسه، فإذا جاء عبد الله إلى التاجر بدلاً من أن يتركه، قال: تعال أنا أقبل بطاقة (كريدت كارد) وأعطي بنك المصدر أربعة ونصفاً بالمائة من كل المشترى، فإذا جاء مصدر البطاقة كي يسدد فإنه يقول: كم اشترى عبد الله منك؟ قال: بخمسة آلاف ريال، يقول: خذ خمسة آلاف، وأعطني منها أربعة ونصفاً؛ لأني جئت لك بعميل، فيأخذ من مصدر التاجر هذا المبلغ، فهذه العملية جيدة، والإشكال أن التاجر أحياناً يقول لحامل البطاقة: معك (كريدت كارد) يقول: نعم، يقول: لا، لا بد آخذ منك اثنين ونصف زيادة، فإذا قال ذلك فهذه المعاملة محرمة؛ لأن الدين حينئذٍ صار على العميل من قبل مصدر البطاقة، فكأن المصدر قال: أقرضك خمسة آلاف، وتدفع لي خمسة آلاف وأربعمائة ريال، وهذا لا يجوز، وأما إن كان حامل البطاقة لا يؤخذ منه أكثر مما يؤخذ من الناس عامة فلا بأس.

إذاً: مصدر البطاقة استفاد، وهذه الاستفادة لا إشكال فيها شرعاً، لكن ندخل في الإشكال الآخر، فالبنك إذا أراد أن يصدر هذه البطاقة لا يعطيك إياها بالمجان، ولو أعطاك إياها بالمجان فإنما يعطيكها لسنة واحدة ميلادية، بعد نهاية السنة الميلادية تنقلب العملية إلى أن يأخذ عليك عمولة يسميها عمولة إصدار، فإن كان فيها نوع من الربح فيحرم على البنك أن يصدر هذه البطاقة، ويحرم على العميل أن ينتفع بها؛ لأنه أُخذت عليه رسوم، وهذه الرسوم إن كانت زائدة على التكلفة الفعلية لإصدار البطاقة حرمت، وإن كانت بمثابة التكلفة الفعلية لهذه البطاقة فجائز؛ لأن البنك حينئذٍ لم يربح من هذا القرض، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل سلف وبيع، وكل قرض جر نفعاً فهو حرام ).

وعلى هذا إذا أردت أن تخرج بطاقة فعليك أن تسأل.

وهناك إشكال في بطاقة: (كريدت كارد) وهو أنه إذا أردت أن تسحب نقوداً من آلة الصرف، يعني: لا تريد أن تشتري بضائع يأخذون عليك عمولة إما عشرة دنانير وإما خمسة وأربعين ريالاً سعودياً أو غير ذلك، وهي تسمى ربحاً، وهذا محرم؛ لأن القاعدة هنا: أن جميع خدمات البنك في القروض على عميله لا يجوز أن يأخذ عليها ربحاً إلا بمقدار التكلفة الفعلية.

إذاً: القاعدة: أن جميع ما يأخذه البنك على عميله زائداً عن القروض لا يجوز أن يزيد عن التكلفة الفعلية؛ لأنه لا يربح، يقول: التكلفة الفعلية كانت علي بعشرة ريالات، أعط العشرة وسددها؛ لأني صرت كأني وكيل لك، فعلى هذا إذا كان سيأخذ خمسة عشر ريالاً أو ستة عشر ريالاً فلا حرج؛ لأن هذه تقريباً تكلفة فعلية، أما أن يأخذ ستة وثلاثين ريالاً، أو خمسة وأربعين ريالاً فهذا لا يجوز.

بطاقة (كريدت كارد) لها مزايا منها:

أولاً: أن حاملها يستطيع أن يضمن تأميناً في السفر، ويضمن تأمين الشحن، فأي بضاعة تضيع عليك تكون مؤمنة، وهذا تأمين تجاري.

ثانياً: أنك إذا لم تسدد خلال خمسة وأربعين يوماً فإن الفائدة تتضاعف فبطاقة غالب البنوك الربوية هي كريدت كارد، فيأخذون عليك فائدة وإن لم يشعروك أو يخبروك أو يعلموك، فلا يجوز الدخول في بطاقة الائتمان التي تسمى (كريدت كارد) إلا في حالة واحدة، وهي حالة ما إذا كان الإنسان يعيش في بلد مضطر إلى استخدام هذه البطاقة، وليس هناك بطاقة أخرى تغني عنها، وليس ثمة بنك آخر، فيجوز بشرط أنه لا يتأخر عن التسديد، ولا يجعل الحساب الجاري ناقصاً عما يستخدمه، وإلا فإن كان يغلب على ظنه ذلك وكان هناك بديل فيحرم عليه؛ لأن الدخول في مثل هذا العقد محرم.

فلو قال قائل: هل بطاقة كريدت كارد تصدرها البنوك الإسلامية؟

فالجواب: أن البنوك الإسلامية لا تصدرها؛ لأن البنوك الإسلامية لا تأخذ فوائد ربوية.

بطاقة تشارج كارد

القسم الثاني من البطاقة غير المغطاة: هي (تشارج كارد) ومعنى تشارج يعني: شحن، أي: بطاقة الشحن، إما أن يشحنها البنك، وإما أن تشحنها أنت، لكن إذا شحنها البنك صارت بطاقة ائتمانية، هذه مثل بطاقة (كريدت كارد) لكن لا يستطيع أحد بموجب نظام المنظمة هذه مصادرتها، فلا يأخذون عليك فوائد على التأخير، لكن يجعلونك في القائمة السوداء، وإذا جعلت في القائمة السوداء لا تتعامل معهم مرة ثانية، وهذه البطاقة إذا كانت بالشروط التي مرت معنا فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

وهل يجوز شراء الذهب والفضة بها؟ الذي يظهر -والله أعلم- أن شراء الذهب والفضة بها الآن لا بأس به؛ لأنها أصبحت بمثابة القيد المصرفي، فإذا كانت عن طريق البنوك، فهي بمثابة القيد المصرفي، فإذا سحب شريت الذهب، فإن هذا المبلغ الذي اشتريت به قيد في حساب التاجر، ولا يمكن أن ينفك عنه.

البطاقات غير المغطاة تنقسم إلى قسمين؛ لأن هذه الجديدة تدخل في مسبقة الدفع:

القسم الأول: بطاقة (كريدت كارد) يعني: بطاقة الدين، هذه البطاقة تخول حاملها أن يشتري بمقدار التسهيل الائتماني لحامله، فيقال: لك أن تشتري بمقدار عشرة آلاف ريال سعودي، أو سبعة آلاف ريال سعودي على حسب قوتك في راتبك، وفي حسابك الجاري، وفي تدفقاتك النقدية لدى البنك، فأحياناً يعطيك بطاقة ذهبية لك أن تشتري إلى مائة ألف، وأحياناً يعطيك البطاقة الماسية فيمكنك أن تسحب إلى ثلاثمائة ألف، فهذا يختلف بحسب قوتك وتدفقاتك النقدية لدى حسابك في هذا البنك.

واعلم أن البنك حين يصدر لك هذه البطاقة فإن الحساب مربوط بالحساب الجاري، بمعنى: أنك لو سحبت خمسة آلاف وراتبك سبعة آلاف وليس في رصيدك الآن شيء فهذا الدين مربوط بحسابك الجاري بحيث يسمونه حساب الناقص، فبمجرد أن يأتي راتبك من قبل الدولة أو من قبل الشركة وقبل أن يدخل في حسابك هناك كماشة اسمها كماشة الناقص لدى البنك، يأخذ الخمسة ويسقط ألفين؛ لأنه مربوط بالحساب الجاري.

فبطاقة (كريدت كارد) فيها شروط ربوية، ولهذا لا تتعامل البنوك الإسلامية بهذه البطاقة، وإن سماها أكثر الباحثين بطاقة (كريدت كارد) لكن التسمية ليست صحيحة، وسوف نتحدث أن التسمية الحقيقية هي الموجودة في البنوك الإسلامية، أو عند تعاملات البنوك الإسلامية.

بطاقة (كريدت كارد) لها خصائص، فمن خصائصها:

أولاً: تخول لحاملها أن يسحب من رصيد البنك المصدر.

ثانياً: أن يكون البنك ضامناً لحاملها لدى المتجر، فكأن الحامل حينما يأتي إلى مركز تجاري مثل: الوافي، فإذا ذهبت إلى الوافي، فاشتريت بخمسة آلاف، فالوافي لا يعرفني، فيمضي هذه البطاقة، فيخاطب بنكه، صاحب نقطة البيع: هل تعرف هذا؟ فيقول: ساتصل على منظمة فيزا، أو أمريكان إكسبرس، فيقول: تعرف هذا فيقول: سأخاطب بنك حاملها، فيقول مصدر البطاقة: نعم، أنا ضامن لك -يا بنك التاجر- أن أعطي عميلك التاجر هذا المبلغ فأعطه المبلغ، فيعطيه المبلغ بعد إمرارها، وأخذ توقيع عليها، فيكون عبد الله قد اقترض من بنك مصدر البطاقة، قال البنك: سأقرضك إلى سبعة آلاف، ولا آخذ عليك فائدة، فهل يعقل أن يعطيني ولا يأخذ؟ قال: نعم، قلت: إذاً كيف تربح؟ قال: أنا أربح من التاجر نفسه، فإذا جاء عبد الله إلى التاجر بدلاً من أن يتركه، قال: تعال أنا أقبل بطاقة (كريدت كارد) وأعطي بنك المصدر أربعة ونصفاً بالمائة من كل المشترى، فإذا جاء مصدر البطاقة كي يسدد فإنه يقول: كم اشترى عبد الله منك؟ قال: بخمسة آلاف ريال، يقول: خذ خمسة آلاف، وأعطني منها أربعة ونصفاً؛ لأني جئت لك بعميل، فيأخذ من مصدر التاجر هذا المبلغ، فهذه العملية جيدة، والإشكال أن التاجر أحياناً يقول لحامل البطاقة: معك (كريدت كارد) يقول: نعم، يقول: لا، لا بد آخذ منك اثنين ونصف زيادة، فإذا قال ذلك فهذه المعاملة محرمة؛ لأن الدين حينئذٍ صار على العميل من قبل مصدر البطاقة، فكأن المصدر قال: أقرضك خمسة آلاف، وتدفع لي خمسة آلاف وأربعمائة ريال، وهذا لا يجوز، وأما إن كان حامل البطاقة لا يؤخذ منه أكثر مما يؤخذ من الناس عامة فلا بأس.

إذاً: مصدر البطاقة استفاد، وهذه الاستفادة لا إشكال فيها شرعاً، لكن ندخل في الإشكال الآخر، فالبنك إذا أراد أن يصدر هذه البطاقة لا يعطيك إياها بالمجان، ولو أعطاك إياها بالمجان فإنما يعطيكها لسنة واحدة ميلادية، بعد نهاية السنة الميلادية تنقلب العملية إلى أن يأخذ عليك عمولة يسميها عمولة إصدار، فإن كان فيها نوع من الربح فيحرم على البنك أن يصدر هذه البطاقة، ويحرم على العميل أن ينتفع بها؛ لأنه أُخذت عليه رسوم، وهذه الرسوم إن كانت زائدة على التكلفة الفعلية لإصدار البطاقة حرمت، وإن كانت بمثابة التكلفة الفعلية لهذه البطاقة فجائز؛ لأن البنك حينئذٍ لم يربح من هذا القرض، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل سلف وبيع، وكل قرض جر نفعاً فهو حرام ).

وعلى هذا إذا أردت أن تخرج بطاقة فعليك أن تسأل.

وهناك إشكال في بطاقة: (كريدت كارد) وهو أنه إذا أردت أن تسحب نقوداً من آلة الصرف، يعني: لا تريد أن تشتري بضائع يأخذون عليك عمولة إما عشرة دنانير وإما خمسة وأربعين ريالاً سعودياً أو غير ذلك، وهي تسمى ربحاً، وهذا محرم؛ لأن القاعدة هنا: أن جميع خدمات البنك في القروض على عميله لا يجوز أن يأخذ عليها ربحاً إلا بمقدار التكلفة الفعلية.

إذاً: القاعدة: أن جميع ما يأخذه البنك على عميله زائداً عن القروض لا يجوز أن يزيد عن التكلفة الفعلية؛ لأنه لا يربح، يقول: التكلفة الفعلية كانت علي بعشرة ريالات، أعط العشرة وسددها؛ لأني صرت كأني وكيل لك، فعلى هذا إذا كان سيأخذ خمسة عشر ريالاً أو ستة عشر ريالاً فلا حرج؛ لأن هذه تقريباً تكلفة فعلية، أما أن يأخذ ستة وثلاثين ريالاً، أو خمسة وأربعين ريالاً فهذا لا يجوز.

بطاقة (كريدت كارد) لها مزايا منها:

أولاً: أن حاملها يستطيع أن يضمن تأميناً في السفر، ويضمن تأمين الشحن، فأي بضاعة تضيع عليك تكون مؤمنة، وهذا تأمين تجاري.

ثانياً: أنك إذا لم تسدد خلال خمسة وأربعين يوماً فإن الفائدة تتضاعف فبطاقة غالب البنوك الربوية هي كريدت كارد، فيأخذون عليك فائدة وإن لم يشعروك أو يخبروك أو يعلموك، فلا يجوز الدخول في بطاقة الائتمان التي تسمى (كريدت كارد) إلا في حالة واحدة، وهي حالة ما إذا كان الإنسان يعيش في بلد مضطر إلى استخدام هذه البطاقة، وليس هناك بطاقة أخرى تغني عنها، وليس ثمة بنك آخر، فيجوز بشرط أنه لا يتأخر عن التسديد، ولا يجعل الحساب الجاري ناقصاً عما يستخدمه، وإلا فإن كان يغلب على ظنه ذلك وكان هناك بديل فيحرم عليه؛ لأن الدخول في مثل هذا العقد محرم.

فلو قال قائل: هل بطاقة كريدت كارد تصدرها البنوك الإسلامية؟

فالجواب: أن البنوك الإسلامية لا تصدرها؛ لأن البنوك الإسلامية لا تأخذ فوائد ربوية.

القسم الثاني من البطاقة غير المغطاة: هي (تشارج كارد) ومعنى تشارج يعني: شحن، أي: بطاقة الشحن، إما أن يشحنها البنك، وإما أن تشحنها أنت، لكن إذا شحنها البنك صارت بطاقة ائتمانية، هذه مثل بطاقة (كريدت كارد) لكن لا يستطيع أحد بموجب نظام المنظمة هذه مصادرتها، فلا يأخذون عليك فوائد على التأخير، لكن يجعلونك في القائمة السوداء، وإذا جعلت في القائمة السوداء لا تتعامل معهم مرة ثانية، وهذه البطاقة إذا كانت بالشروط التي مرت معنا فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

وهل يجوز شراء الذهب والفضة بها؟ الذي يظهر -والله أعلم- أن شراء الذهب والفضة بها الآن لا بأس به؛ لأنها أصبحت بمثابة القيد المصرفي، فإذا كانت عن طريق البنوك، فهي بمثابة القيد المصرفي، فإذا سحب شريت الذهب، فإن هذا المبلغ الذي اشتريت به قيد في حساب التاجر، ولا يمكن أن ينفك عنه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شركات المساهمة 2615 استماع
عبادة القلوب 2462 استماع
مسائل فقهية في النوازل 2445 استماع
التأصيل العلمي 2088 استماع
عبادة القلب 2044 استماع
أعمال القلوب 1929 استماع
العبادة زمن الفتن 1926 استماع
كتاب التوحيد - شرح مقدمة فتح المجيد [2] 1863 استماع
الرزق الحلال وآثاره 1806 استماع
كتاب التوحيد - شرح مقدمة فتح المجيد [1] 1736 استماع