فهرس الكتاب
الصفحة 50 من 293

قال المصنف رحمه الله [باب ما جاء في الذبح لغير الله] أي من الوعيد على ذلك، وكونه شركاً أكبر لأن الذبح تقرباً عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك أكبر. ومثال الذبح لغير الله: الذبح لصنم أو وثن، أو غير ذلك من المخلوقات، سواءً أكان المذبوح عظيماً كالإبل، أم كان حقيراً كالذباب.

قوله [الذبح] هو في الأصل: الشق أو ما دل عليه، قاله ابن فارس وغيره، والمقصود في كلام المصنف رحمه الله إزهاق روحٍ وإهراق دمٍ، سواءً أكان ذبحاً أم نحراً.

واعلم رحمك الله أن الذبح ـ من حيث التقرب وعدمه ـ قسمان: ـ

* الأول: ما أريد به التقرب إلى الله، وهذا يشترط فيه شرطان: ـ

الأول: أن يقصد به وجه الله لا غير، لأنه بنية التقرب عبادة.

الثاني: أن تكون صفة الذبح شرعية، وفق أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

* الثاني: ما لم يرد التقرب، وإنما أريد به اللحم، كأن يحتاج رجل إلى اللحم فيذبح شاة ليأكل منها مثلاً، وهذا القسم يشترط فيه أن يكون الذبح على صفة شرعية، ولعله من المناسب هنا أن نبين الصفة الشرعية للذبح، فنقول إن الصفة الشرعية للذبح يكتنفها جملة شروط، منها ما يرجع إلى الذابح (الفاعل للذبح) ، ومنها ما يرجع إلى آلة الذبح، ومنها ما يرجع إلى صفة الذبح. فأما ما يرجع إلى الذابح فشرطان: ــ

ـ الأول: التمييز والعقل، قال ابن قدامة في (المغني) :"بلا خلاف نعلمه".

ـ الثاني: أن يكون مسلماً أو كتابياً ـ يهودياً أو نصرانياً ـ فأما حل ذبيحة أهل الكتاب فلقوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم} قال ابن عباس رضي الله عنهما (طعامهم: ذبائحهم) وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (لم يختلف السلف أن المراد بذلك الذبائح) إ. هـ.

وأما ما يرجع إلى آلة الذبح فشرطان: ــ

ـ الأول: كونها حادة، تنهر الدم بحدها لا بثقلها.

ـ والثاني: كونها غير سن ولا ظفر.

ودليل هذين الشرطين ما رواه الشيخان من حديث ابن خَدِيج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سناً أو ظفراً، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدي الحبشة) .

وأما ما يتعلق بصفة الذبح فشرطان: ــ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام