أنكرت؟ لا هو مثله، لماذا نفرق بين المتماثلين الذي يصعد المنبرٍ ويعظ الناس ويصوب الكلام إلى ولاة الأمور وأين هو ولي الأمر؟ ليس عندنا، حينئذٍ نقول الذي يصوب الكلام لولي الأمر على المنبر، أو في محاضرةٍ أو نحوها، أو في مجالس خاصة أو عامة ولم يكن موجودًا بينهم هل برئت ذمته بالإنكار؟ ما برئت ذمته إلا إذا كان الإنكار قلبيًّا، وأما الإنكار الذي يكون باللسان أو باليد فهذا لا بد أن يكون بين أيديهم فيذهب إليهم فحينئذٍ يفعل ما يراه حسنًا، «ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع» ، لأن هذه فتنة إذا فعل ولي الأمر أمرًا من المعاصي قد يقتدي به الناس فينتشر الأمر، وقد يوجد ويوجد في كل عصر قد يوجد من يفتيه بجواز ذلك الفعل، فتنة أو لا؟ هذه تعتبر فتنة فمن رضي وتابع هنا دليل يكون سلط عليه البلاء، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا» . أي: من كره بقلبه وأنكر بقلبه، رواه مسلم. «لا ما صلوا» . أفلا نقاتلهم؟ يعني: إذا رأينا منهم المنكر جهارًا نهارًا وكرهنا بقلوبنا هل نقاتلهم أم لا؟ هل نخرج عليهم أم لا؟ قال: «لا ما صلوا» . إذًا «لا ما صلوا» ، يعني: في أنفسهم، هذا يدل على ماذا؟ على أن تارك الصلاة يعتبر كافر من أصرح الأدلة، لأنه قال في الحديث السابق: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا» . ثم قال: «لا ما صلوا» ، يعني: ما دام أنهم يصلون فلو تركوا الصلاة أخرجوا عليهم، إذًا هذا فعل ترك الصلاة كفرٌ بواح عندنا فيه من الله برهان، واضحٌ هذا؟ ولذلك نقول: مسألة تارك الصلاة مجمعٌ عليها بين السلف، فلا خلاف بين الصحابة البتة، وهذا النص واضحٌ بين أنه ليس من الكفر المختلف فيه، فإن قلت: كيف وقع الخلاف؟ نقول: هذا الخلاف حادث فلست ملزمًا به أنت مكلف بالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة الصحابة وإجماع الصحابة هو المعتبر، ولذلك قال ابن عثيمين هناك في شرح (( اللمعة ) ): ومن فوائد الحديثين أن ترك الصلاة كفرٌ بواح. هذا لو تأمله طالب العلم لوقف على المسألة من أصلها، إذًا (ومن السنة) ، المقابلة للبدعة (السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله) ، فإن أمروا حينئذٍ (لا طاعة لأحد في معصية الله) ، (لا طاعة) إذا أمروا بمعصية نقول: أمرهم بالمعصية معصية، وحينئذٍ كيف نقف مع هذا العمل؟ نقول: كغيره من المعاصي، تكون المناصحة سرًّا بين الناس مثلاً أو أحدٍ منهم وبين ولي الأمر، وأما التشهير هذا كسابقه هذه المعاصي التي يأمر بها ولي الأمر ليست بكفرٍ بواح، حينئذٍ لا يستمسك بها لكونه أمر بكذا وأمر بكذا، نستمسك بمثل هذه الأوامر ونجعلها مسوغة للخروج، لأن الخروج مقيد بشيء وعندك نص ليست بمسألة اجتهادية لا رأي زيد ولا عبيد من الناس ولا عالم ولا طالب علم، «إلا أن تروا كفرًا بواحًا» . حينئذٍ لو أمر بما أمر لو أمر مثلاً بالتأمين نقول: التأمين محرم، ماذا نصنع؟ هل التأمين كفرٌ؟ ليس بكفر، إذًا ليس بموجبٍ للخروج على ولاة الأمور، لماذا؟ لانتفاء العلة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الحكم وهو عدم الخروج «إلا أن تروا كفرًا بواحًا» .