فهرس الكتاب
الصفحة 382 من 401

ثانيًا: يكون مخالفةً فيه للشرع، لأنه ينبني عليه تهيج النفوس وتهيئتها للخروج، إذًا هم الذين يخرجون على الولاة باللسان لا بالسنان قد ذكر السلف الصالح أن هذه فئة وطائفةٌ من الخوارج فلا يظن الظان أن الخوارج هم الذين يفجرون وأنهم يخرجون بالسيوط والقنابل ونحو ذلك، لا الأمر أوسع من ذلك، إذًا الخروج على الإمام بنوعيه محرم ولو كان فاسقًا، ولو كان فاجرًا، ولو كان يظهر فجوره وفسقه على الملأ، ما دام أن الإسلام باقٍ بقيت الطاعة له، إن انتفى الإسلام هذه مسألةٌ أخرى كقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه في حديث في الصحيحين: بايعنا رسول - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة. ولي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرةٍ علينا وأن لا ننازع الأمر أهله. الأمر الذي هو الولاية الخلافة، أن لا ننازع الأمر أهله. يعني: أصحابه ولاة الأمور إلا أن ترو كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان. يعني: لا يجوز الخروج إلا في حالةٍ واحدة وهو ليس الكفر فحسب إنما الكفر البواح الصريح الذي لا يختلف فيه اثنان من أهل العلم، المسألة مقيدة لأنه ينبني على الخروج مفاسد عظيمة إراقة دماء، وهتك أستار وأعراض، وما إلى ذلك، حينئذٍ لما كان كذلك حمى الشارع جانب المسلمين بأن لا يستعجلوا بأن لا يكون طائشين في مثل هذه المسائل، وأن لا تأخذهم الغيرة والعاطفة، فعلق الأمر على كفرٍ ثم هذا الكفر بواح صريح «عندكم فيه من الله برهان» . ما قال دليل، البرهان أخص من الدليل، بمعنى نص لا يحتمل غيره، وهذا تعقيدٌ للمسألة، تجديدٌ في المسألة، حينئذٍ إذا رأوا كفرًا مختلفًا فيه بين أهل العلم بين السلف الصالح يخرج أو لا يخرج؟ لا يخرج، لماذا؟ لأنه ليس كفرًا صراح بواح ليس بكفرٍ صريح وليس بكفرٍ بواح، وإنما هو كفرٌ مختلفٌ فيه، والأدلة لا تدل عليه، إذ لو كانت الأدلة نصًا فيه لما وقع فيه نزاعٌ بين أهل العلم «إلا أن ترو كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان» ، متفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم: «يكون عليكم أمراء» . هذا إخبارٌ بالغيب سيكون في المستقبل «يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون» . «تعرفون وتنكرون» يعني: يقع في فعلهم ما هو معروفٌ للشرع طاعة، «وتنكرون» . ويقع في فعلهم وأقوالهم ما هو منكرٌ في الشرع، يعني: محرم، فما العمل؟ قال: «فمن أنكر فقد برئ» . كذلك أنكر بقلبه إن كان بعيدًا عنه، وبلسانه، أو بيده إن استطاع إن كان بين أيديهم، وأما خلفهم فلا يقال بأنه ينكر بلسانه عليهم ليس بإنكار، يعني: أنت لو أردت أن تضبط المسألة لو جارك من الناس وقع في معصيةٍ فجئت في جماعةٍ ليس هو فيهم فقلت: يا فلان اتق الله عز وجل بفعلك كذا وكذا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام