فهرس الكتاب
الصفحة 380 من 401

ثانيًا: هذه الطاعة ليست مستقلة بل هي مقيدة بأن لا تخالف الشرع، فإن خالفت الشرع فحينئذٍ لا طاعة إنما الطاعة في المعروف، ولقوله - صلى الله عليه وسلم: «السمع والطاعة على المسلم» ، «على» تفيد ماذا؟ الوجوب على الوجوب تفيد الوجوب حينئذٍ «السمع والطاعة على المسلم» . يعني: واجبةٌ على المسلم، فعلى ظاهرةٌ في الوجوب عند جماهير الأصوليين، ... «على المسلم» أل تفيد العموم كل مسلم داخلاً تحت الولاية «فيما أحب وكره» . يعني: ليس النظر فيما تحبه وتطيعه وما لا تحبه ويخالف شهواتك لا تطيعه، بل الأمر جاء عامًا مسلم ذكرًا كان أم أنثى، قال: «فيما أحب» . يعني: في الذي أحبه المسلم، أو كره، حينئذٍ النوعان المحبوب والمكروه تجب فيه الطاعة، يعني: أجب وأطع ولي الأمر إن أمرك بشيءٍ سواء كان هذا الشيء محبوبًا لك ميسورًا، أو كان مكروهًا مبغوضًا ما لم يُأْمَر بمعصية، فالضابط هنا النظر إلى المعصية، إن أمر بترك واجبٍ أو بفعل محرم فلا سمع ولا طاعة، فإذا أمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة هذا النص واضح بين يبين أن ولي الأمر له الأحقية في طاعة المسلمين لهم لكن بشرط أن لا يكون فيه شيءٌ من المعصية وليس المرجع فيما كان محبوبًا للنفس أو لم يكن محبوبًا للنفس، بل تطيع ولو كنت مكرهًا على أمرٍ ما، والحديث متفقٌ عليه، وسواء كان الإمام برًّا وهو القائم بأمر الله فعلاً وتركًا، أو فاجرًا وهو الفاسق، إذًا ما دام أن الإسلام، وصف الإسلام باقٍ وجبت الطاعة، فلا يشترط في ولي الأمر أن يكون كاملاً من كل وجه، وإنما المراد به أن يكون مسلمًا، فإذا لم يكن مسلمًا حينئذٍ انتفت الأحكام المرتبطة بولي الأمر، وإن كان مسلمًا ولو كان فاجرًا فاسقًا حينئذٍ نقول: الطاعة لازمةٌ. كقوله - صلى الله عليه وسلم: «إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله» . إذًا ما العمل؟ قال: «فليكره ما يأتي من معصية الله» . يعني: تكره بقلبك وتناصح بلسانك، «ولا ينزعن يدًا من طاعة» لحجة أنه يفعل المحرمات. والحديث رواه مسلم حديث صحيح «إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله» . قال: «من معصية الله» . يعني: أي معصية يشرب الخمر، يحلق اللحية، يسبل ثوبه، قل ما شئت من المعاصي التي هي دون الكفر قال: «من معصية الله» . «معصية» نكرة مفيد مضاف إلى المعرفة فيفيد العموم، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ} [إبراهيم: 34] ، فكل معصيةٍ هي دون الكفر ولو آتاها كلها حينئذٍ بين النبي - صلى الله عليه وسلم - الموقف الصحيح من هذا الوالي قال: ... «فليكره ما يأتي من معصية الله» .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام