فهرس الكتاب
الصفحة 379 من 401

والثاني أن يكون الطاعة تجب في ما لم يأت به الشرع بأمرٍ لا أمر استحباب ولا أمر إيجاب كالأمور المباحة والتي يحصل بها نفي النزاع بين الناس وما يحصل بها تنظيم الحياة المعيشية ونحوها، فهذه الأصل فيها الوجوب، إن أمر بما عدا هذه الأمور الثلاث الواجب، أو المستحب، أو المباح. فلا طاعة له، لا بترك واجبٍ، ولا بفعل محرمٍ، وكذلك لا بترك مكروهٍ ولا .. ، إنما تكون الطاعة في المعروف إنما الطاعة في المعروف، إذًا طاعة الخليفة وغيره من ولاة الأمور واجبةٌ في غير معصية، والوجوب هنا كما ذكرنا بما يتعلق بوجوبٍ جاء به الشرع كالأمر بالصلاة وإعطاء الزكاة ونحوها، حينئذٍ الوجوب من جهتين، وقد يكون من جهة ولي الأمر كما لو أمر بأمرٍ مباح تجب فيه الطاعة، ولذلك بعضهم يرى أنه لا يطاع في مثل هذه لأنها في الأصل مباحة، نقول: إذا كان كذلك لم أوجبه الشرع؟ إذا كان الأمر الأصلي في إيجاب الصلوات وإيتاء الزكاة سواء وجد والي أم لا أنت مأمورٌ به، وإنما الوالي يؤكد الأمر، حينئذٍ ماذا بقي له؟ بقي له المباحات، يعني: تنظيم أمور الناس وما يتعلق بها، فالأصل فيها الوجوب، لكن ينبغي أن يقيد بما فيه مصلحة للناس، وإن لم يكن كذلك فشأنه آخر لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59] . {أَطِيعُواْ اللهَ} جاء بالفعل، {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} أعاد الفعل، {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ولم يقل وأطيعوا أولي الأمر منكم، لماذا؟ لأن طاعته هنا ليست مستقلة، بل هي تابعةٌ لطاعة الله، فنأخذ من الآية شيئين:

الشيء الأول: أن طاعتهم واجبة لأنه قال: {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} . إذًا {أَطِيعُواْ} {وَأَطِيعُواْ} أمر والأمر يقتضي الوجوب طاعة الله عز وجل واجبة وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة، قال: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} . هذا معطوف على الأول {أَطِيعُواْ اللهَ} حينئذٍ تقول: طاعة ولي الأمر واجبة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام