سب الصحابة باعتبار الكفر وعدمه يعني: الساب هل يكفر أم لا؟ على مراتب، الأول أن من استحل سب الصحابة فهو كافر، من قال: إنه حلال. اعتقد حله سواء سب أو لا فهذا كافرٌ إن استحل سب الصحابة فهو كافر، والدليل على ذلك لما ثبت بالدلالة القطعية أن جميع الصحابة عدول وهذا محل وفاق وهذا محل إجماع. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في اختصار علوم الحديث: (والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثني الله عليه في كتابه العزيز وبما نطقت به سنة نبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغبة فيما عند الله تعالى من الثواب الجزيل والجزاء الجميل) وهذا يدل على أن المسألة محل إجماع، وثبت أن سب الصحابة حرامٌ بالكتاب والسنة، أما بالكتاب فقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12] لأن سب الصحابة يعتبر من الغيبة فأول ما يدخل غيبة الأنبياء والمرسلين والملائكة ونحو ذلك، ثم الصحابة بعدهم {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} وللحديث «لا تسبوا أصحابي» هذا نصٌ، فسب السحابة كبيرةٌ من الكبائر، كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وهو مجمع عليه ومعلوم أن القاعدة من استحل ما أجمع عليه أهل العلم من المعلوم من الدين بالضرورة أنه محرم يعتبر كافرًا، من استحل الربا كافر من استحل الزنا كافر من استحل شرب الخمر فهو كافر لماذا؟ لأن هذه الأحكام الثلاثة من المعلوم بالدين بالضرورة، كذلك تحريم سب الصحابة مجمع عليه كتحريم شرب الخمر ونحوه، فحينئذٍ إذا استحله فهو كافر مرتد بإجماع أهل العلم، فسب الصحابة كبيرة من كبائر الذنوب واستحلال سبهم إنكار لما علم تحريمه من الدين بالضرورة فهو حينئذٍ خروج من الملة. قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: (فمن اعتقد حقية سبهم وإباحته) - يعني: أعتقد مجرد اعتقاد (أو سبهم مع اعتقاد حقية سبهم أو حليته فقد كفر بالله تعالى ورسوله فيما أخبر من فضائلهم) . وقال في موضعٍ آخر: (فقد كفر بتكذيبه ما ثبت قطعًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكذبه كافر) . إذًا إن استحل سواءٌ سب أم لا فهو كافر بإجماع أهل العلم لأنه مكذبٌ بما أثنى الله تعالى على الصحابة ولأنه مستحلٌ لما أجمع أهل السنة والجماعة على أنه محرم. دد