قال: (لفضله) وهذه العلة الأولى، يعنى: هو أفضلهم والذي يتقدم في الإمامة الصغرى أقرأهم وأحفظهم لكتاب الله، إذًا الإمامة العظمى من بابٍ أولى وأحرى (وسابقته) هو أسبقهم وهو جزء من أفضليتهم، الذي يسبق هو أولى بالخلافة، وتقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه سنة فعلية وقوليه كذلك «مروا أبا بكرٍ فليصلِّ بالناس» تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - له في الصلاة على جميع الصحابة، ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اختاره ليصلي بالناس مع وجود عمر وعثمان وعليٍّ وغيرهم من الصحابة دلّ على أن أفضلهم هو أبو بكرٍ رضي الله تعالى عنه، (وإجماع الصحابة) ، إذًا أجمع الصحابة كذلك على تقديمه ومبايعته، (ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة) لأنهم لو اجتمعوا على أن أبا بكرٍ هو الخليفة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا مصيبين إذًا اجتمعوا على ضلالة، ولا تجتمع هذه الأمة على ضلالةٍ البتة، فهذا الذي ذكره المصنف كأنه يشير إلى أن خلافة أبي بكرٍ بالنص وليست في الاختيار.
واختلف أهل السنة والجماعة لا في خلافة أبي بكر وأحقيته، وإنما ما الْمُوجِب له؟ اختلف أهل السنة والجماعة في خلافة الصديق رضي الله عنه، هل كانت بالنص أو بالاختيار؟
يعني: هل نصّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه هو الخليفة، أو اختار الصحابة أبا بكرٍ باجتهادهم، محل نزاع قولان لأهل العلم، ولا يضلل من اختار الاختيار، ولا يضلل من اختار النص، يعني: كل من المسألتين محل اجتهاد عند أهل العلم، النتيجة أن أبا بكرٍ هو أحق بالخلافة، الطريقة الموصلة إليه إما نص أو الاختيار الأمر الخلاف فيه سهلٌ.
فذهب الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث إلى أنه ثبتت بالنص الخفي والإشارة.
النص نوعان نصٌ واضح بين ظاهر، بأن يقول أبو بكرٍ خليفةِ، أو يأتي بما يدل على هذا المعنى، نصٌ ليس بظاهر وإنما فيه شيء من الخفاء، وهو ما يسمى بدلالة الإشارة، بمعنى أنه يدل على الحكم بدلالة الالتزام لا بدلالة المطابقة ولا التضمن، فذهب الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث إلى أنه ثبتت بالنص الخفي والإشارة.
ومنهم من قال: بالنص الجليّ ثبتت، وهو الأرجح أن خلافة أبي بكرٍ إنما ثبتت بالنص وهذا النص جليٌ واضح بَيِّن، ولذلك لم يختلف الصحابة في كون أبي بكر هو الخليفة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وذهب جماعة من أهل الحديث إلى أنها ثبتت بالاختيار. هذا القول الثاني. إذًا كأنها عند التفصيل ثلاثة أقوال:
بالنص الخفي والإشارة، وهو مذهب الحسن البصري وجملة من أهل الحديث.
بالنص الظاهر الواضح البين، وهو مذهب جماعة من أهل الحديث وهو الراجح.
بالاختيار، وهو مذهب جماعةٍ من أهل الحديث.
كُلٌّ من أهل السنة والجماعة والخلاف هنا خلاف لفظي، يعني: لا يترتب عليه تبديع ولا تضليل. دد