فهرس الكتاب
الصفحة 321 من 401

وكل ما سيذكره المصنف، بل هذا الباب كله قد أشبعه أهل العلم بالتصنيف على جهة الخصوص لكثرة المسائل الواردة فيها ولكثرة الأحاديث بل والآيات الدالة على كل ما ذكر، ولذلك جملة ما ذكره مجمع عليه عند أهل السنة والجماعة، وإنما نازع في ذلك المعتزلة ومن كان على شاكلتهم مثل ماذا؟ قال: (مثل حديث الإسراء والمعراج) . الإسراء في اللغة: السير بالشخص ليلاً، وقيل بمعنى سرى، وشرعًا سير جبرائيل عليه السلام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس، هذا هو الإسراء مصدر أَسْرَى يُسْرِي إِسْرَاءً حينئذٍ سير جبريل عليه السلام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] . ... الآية، والمِعْرَاج مِفْعَال كالمفتاح وهو في اللغة الآلة التي يعرج بها وهي المصعد، وشرعًا السلم الذي عرج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأرض إلى السماء قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 1، 2] . ... إلى قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] . وذلك بعدما صعد حتى وصل إلى محل سمع فيه صريف الأقدام، وكان في ليلة واحدة عند الجمهور، واختلفوا متى كان، فيروى عن ابن عباس بسند منقطع وجابر رضي الله تعالى عنهم أجمعين أنها ليلة الاثنين من الثاني عشر من ربيع الأول ولم يعينا السنة في أي سنة كان. رواه ابن أبي شيبة، ويروى عن الزهري وعروة أنها قبل الهجرة بسنة. رواه البيهقي، فتكون في ربيع الأول ولم يعينا الليلة، وقاله ابن سعدٍ وغيره، وجزم به النووي رحمه الله تعالى، ويروى عن السدي أنها قبل الهجرة بستة عشر شهرًا. رواه الحاكم فتكون حينئذٍ في ذو القعدة، وقيل: قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بخمس. وقيل: بست. وهذا يدل على أن الصحابة لم يعتنوا بحفظ تلك الليلة، ولو سُلِّمَ بمعرفة تلك الليلة حينئذٍ لا يستلزم الاحتفال بالإسراء والمعراج، (مثل حديث الإسراء والمعراج، وكان يقظة لا منامًا، فإن قريشًا أنكرته وأكبرته، ولم تنكر المنامات) ، وهذه مسألة وقع فيها نزاع، هل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسري به ببدنه وروحه؟ أم بروحه فحسب؟ الله عز وجل يقول: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} . والعبد اسم يقع على البدن والروح معًا، كما تقول: رأيت زيدًا. فزيد هذا اسم يقع على الذات وعلى الروح، لا على الذات فقط دون الروح، ولا على الروح فقط دون البدن، فالعبد والإنسان ومثله زيد إنما يقع على الذات، والذات تكون مصاحبة للروح، حينئذٍ ظاهر الكتاب بل هو نص في أن الإسراء إنما وقع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة وببدنه وروحه معًا، حينئذٍ من قال بأنه بالروح فقط أو أنه منام لا يقظة هذا يعتبر قولاً مخالفًا لظاهر النص، ولذلك قال المصنف: (وكان يقظة) .دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام