فهرس الكتاب
الصفحة 320 من 401

(وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه، ولم نطلع على حقيقة معناه) هنا المصنف جعل الحكم كأنه منصب على السنة مع أن بعض أشراط الساعة وبعض ما يتعلق بأمور الغيب هذه ذكرت في القرآن فلم يذكر القرآن لماذا؟ لأن قبوله من حيث الثبوت هذا واضح بين، لا يُنكره إلا زنديق كافر مرتد عن الإسلام، وأما من حيث الدلالة فبعضه دلالته قطعية لا يحتمل النقيض، فحينئذٍ لا ينكره إلا كافر وزنديق، وبعضه مما اختلف فيه من حيث الفهم وجاءت السنة مبينة موضحة، وإنما الشأن في السنة لأن أهل البدع كما سبق معنا يفرقون بين المتواتر والآحاد، ومعلوم أن كثير من هذه الغيبيات إنما جاءت على ما يزعمون جاءت من طريق الآحاد ولكونها متعلقة بالعقيدة، والعقيدة لا تؤخذ إلا بالعقل أو المتواتر حينئذٍ لا تقبل، ولذلك كثير من المعتزلة الذين يحكمون العقل ومن نحى نحوهم قديمًا وحديثًا يشككون في كثير من المسائل المتعلقة بعذاب القبر وفتنة القبر وما يتعلق بأشراط الساعة من حيث الدابة والدجال ويأجوج ومأجوج ونحو ذلك مما قد لو فتح المجال للعقل قد حينئذٍ العقل يرد شيئًا من ذلك لكن نقول: المقام هنا مقام تسليم لما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم التشكيك لأن العقول تقصر وهي قاصرة عن إدراك ما يكون في بين جنبي الإنسان من الروح ونحوها فكيف بما يكون من عالم الغيب؟ فهذا من باب أولى وأحرى، إذًا نص المصنف هنا وكأنه يريد السنة من أجل أن يعلق الحكم على ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء كان متواترًا أو كان آحادًا، سواء كان صحيحًا لذاته أو صحيحًا لغيره، سواء كان حسنًا لذاته أو حسنًا لغيره فحينئذٍ نقول: الكل يقبل ويثبت أنه من أشراط الساعة، أو أنه من أمور الغيب، ولا نرد ذلك بعقولنا لأن عقولنا قاصرة عن إدراك حقائق الأمور، فإذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب القبول، (نعلم أنه حق وصدق) ، أي: لا كذب، ولو كان بطريق الآحاد خلافًا لأهل البدع الذين يفصلون في السنة بين متواتر وآحاد ثم يجعلون العقيدة منصبة على المتواتر دون الآحاد، وهذا باطل، (وسواء في ذلك) ، أي: المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما غاب عنا، (ما عقلناه) ، يعني: أدركناه بعقولنا، يعني: وضح لنا أن العقل لا يمنع منه، أو (جهلناه) جهلناه يعني: مقابل الإدراك وليس مقابل العلم قال: (وسواء في ذلك ما عقلناه) . يعني: أدركناه بعقولنا فالعقل لا يمنع منه، أو (جهلناه) بمعنى أن العقل لا يدرك ذلك الشيء وقد ينازع في ثبوت ذلك، لكن يأتي التسليم ويأتي الإيمان بالله جل وعلا، ولذلك قال: (ولم نطلع على حقيقة معناه) . يعني: كنه ذلك الشيء، فحينئذٍ نقول: سمعنا وأطعنا. ولذلك لو نظر الإنسان في فتنة القبر مثلاً وأنه يُجْلَس ويسأل إلى آخره ويفتح له باب إلى الجنة أو باب إلى النار هذا كله لو جعل العقل فيه مجاز قد يناقش وينازع، لكن نقول: سمعنا وأطعنا. (ولم نطلع على حقيقة معناه) ، يعني: كل ما ذكر من أمر الغيب، ثم مثل المصنف رحمه الله تعالى ببعض أو لبعض هذه الغيبيات، فقال رحمه الله تعالى: (مثل حديث الإسراء والمعراج) .دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام