فهرس الكتاب
الصفحة 322 من 401

يعني: وهو مستيقظ لم يكن نائمًا، (لا منامًا، فإن قريشًا أنكرته وأكبرته) أنكرت الإسراء والمعراج وجعلته أمرًا كبيرًا، ولذلك قالوا: كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا ومحمد يزعم أنه أسري به إليه فأصبح فينا. في ليلة واحدة، فنظروا إليه من جهة العقل ولم ينظروا إليه من جهة قدرة الرب جل وعلا، (فإن قريشًا أنكرته) فلو كان منامًا هل تنكر قريش أن يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه أنه ذهب إلى بيت المقدس؟ الجواب: لا، ولو كان أبعد ما هو من بيت المقدس لا تنكره، إذًا قريش لا تنكر المنامات، فلو كان منامًا لا يقظةً هل أنكرته؟ الجواب: لا، ولكنها أنكرته فدل على أنها فهمت إنما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقظةً لا منامًا وأنه ببدنه وروحه معًا عليه الصلاة والسلام، إذًا (ولم تنكر المنامات) ، يعني: ولا تنكر قريش المنامات بمعنى أنها تسلم بأن الشخص قد يرى في منامه أنه ذهب إلى بيت المقدس بل ما هو أبعد من ذلك، إذًا هذا ما يتعلق بالإسراء والمعراج وهو أمر قد وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يشاهده أحد، وإنما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به وعرج به وحينئذٍ وجب قبوله لأنه مما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - بل جاء نص في ذلك قرآني بل جاءت سورة اسمها سورة الإسراء، فدل على أنه حق واقع وأنه ثابت فوجب الإيمان به، وقد تواترت الأحاديث في الصحيحين وغيرهما في بيان صفة الإسراء والمعراج وما يتعلق بهما، والمراد هنا أنه ثابت لا نتحدث في تفاصيل ما يتعلق بما جرى في الإسراء والمعراج، (ومن ذلك) الغيب الذي يجب الإيمان به والتصديق ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - (أن ملك الموت لما جاء إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه لطمه ففقأ عينه) فقأ العين أو البثرة يعني: شقها فخرج ما فيها، (فرجع) ، أي: ملك الموت، (إلى ربه فرد عليه) ، يعني: الرب جل وعلا، (عينه) هذا أمر غيب، لو ترك للعقل لأنكر كما أنكرته المعتزلة، لكن نقول على القاعدة في الغيبيات أننا نقول: سمعنا وأطعنا ما دام أنه ثابت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنثبت ذلك على وجهه، خرَّج البخاري في الصحيح في كتاب أحاديث الأنبياء باب وفاةُ موسى وذكره بعده، ثم ساق بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه - يعني: جاء ملك الموت موسى عليه السلام - صكه - يعني: ضربه على عينه - فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. لما صكه علم أنه قد رده، فإذا كان كذلك قال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. قال: أرجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور على ظهر ثور فله بما غطى يده بكل شعرة سنة. - يعني: ضع يدك على ثور وعدد الشعرات التي تضع يدك عليها حينئذٍ بكل شعرة يزيد في عمرك مقدار سنة، - فقال موسى: أي ربي ثم ماذا؟ - يعني: بعد هذه السنين التي أخذها من جهة ما أضع يدي - أي ربي ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. - إذًا لا فرار، فلو زيد في عمرك بعدد شعر الثور لما تحت يدك فالموت قادم، - قال: فالآن. - ما دام أنه سيموت إذًا الآن لا نحتاج إلى زيادة عدد من السنين - قال: فالآن. دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام