ونحو ذلك من العبارات، أكره هذا، لماذا؟ لأن التصريح بالتحريم هذا شيء كبير على النفس لأنك تجزم بأن الله تعالى حرمه ولم يرد نص فيه، حينئذٍ يتوقف الإنسان من حيث التعبير، وأما المعنى وما يدل عليه فهو كذلك، إذًا إثبات الزيادة يستلزم إثبات النقص، فكل نقص يدل على زيادة الإيمان فإنه مستلزم للدلالة على نقصه، كل ما قبل الزيادة قبل النقص، وهذا أمر مدرك بالحس، ولذلك الإنسان يشعر من نفسه لأن الإيمان منه ما هو شعور نفسي وجداني كالشعور بالعطش والجوع ونحو ذلك، الإنسان يشعر من نفسه أنه حصل عنده شيء من جفاء القلب ونحو ذلك، فالإيمان يزيد وينقص والمؤمنون يتفاضلون في الإيمان، هذا لا بد يلزم منه أن أهل الإيمان ليسوا على مرتبة واحدة، منهم الكامل في الإيمان، ومنهم من هو دون ذلك، بينهم مراتب كما بين السماء والأرض، ولذلك فالإيمان يزيد وينقص والمؤمنون يتفاضلون في الإيمان فبعضهم أكمل إيمانًا من بعض، كما قال تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32] . هذه الآية قيل: أرجى آية في القرآن. أرجى آية، على خلاف في أرجى آية في القرآن، بعض المفسرين وبعض أهل العلم قالوا: هذه الآية أرجى. لماذا؟ لأنه قَسَّم الناس إلى ثلاث طوائف: ظالم لنفسه، مقتصد، سابق بالخيرات. وقدم من؟ قدم الظالم لنفسه، إذًا له حظ من الشرع، بمعنى أنه لا يكون بفعله الذي هو الظلم بترك الواجبات أو فعل المحظورات قد خرج من الدين، بل له باب مفتوح وهو الرحمة وقبول التوبة من الله عز وجل، فحينئذٍ تقديمه على غيره، والشارع لا يقدم إلا ما هو مهم بالنسبة إليه جل وعلا، حينئذٍ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصفا والمروة {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} [البقرة: 158] ، قال: «ابدأ بما بدأ الله به» . لأن الله تعالى إذا بدأ بالشيء دل على أن له مكانة على غيره، وهنا بدأ بالظالم لنفسه، فدل على أنه قريب، فدلت هذه الآية أن المؤمنين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: سابقون، ومقتصدون، وظالمون لأنفسهم. دد