الدليل الأول: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} هذا تصريح بالزيادة، ( {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً} [الفتح: 4] ) والنصوص في هذه كثيرة، ثم أورد النص النبوي ( «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله. وفي قلبه مثقال برة» ) ... إلى آخر الحديث، دل بمفهومه أنهم وقعوا ودخلوا النار ثم خرجوا منها، دخول بماذا؟ بسبب ذنوبهم وخرجوا منها بسبب إيمانهم، لأنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد، لا يخلد في النار، أليس كذلك؟ لا يخلد في ... ، فخروجهم من النار وعدم تخليدهم دل على أن معهم شيئًا من الإيمان، ودخولهم النار دل على أن معهم شيءٌ من الكبائر، فالأدلة السابقة دالة على أن الإيمان يزيد، وأما النقصان هذا ما جاء التصريح به في الكتاب أو في السنة بـ هكذا، يعني: الإيمان ينقص، وإنما قال: ( {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً} ) . هل جاء لينقص إيمانهم؟ لا لم يرد، وأما النقصان فقد ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظ النساء وقال لهن: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» . دين عرفنا أن الدين يرادف الإيمان «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن» . فأثبت نقص الدين، أثبت عليه الصلاة والسلام نقص الدين «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» . حينئذٍ ثبتت النقصان بمفهوم هذا النص، ثم لو لم يرد النص ما دام أنه دلت النصوص على الزيادة فكل شيء قابل للزيادة مقابل للنقص، فدلالة التزام معتبرة في الشرع، سواء كانت في مقام الاعتقاد أو في مقام العمليات، ثم إن إثبات الزيادة التي وردت بالنص الصريح الواضح البين وهو محل إجماع يستلزم إثبات النقص، ولذلك روي عن مالك وهو مشهور عند كثير من أصحابه أنه قال بالزيادة وسكت عن النقص، هل يزيد الإيمان وينقص؟ قال: يزيد. ينقص؟ سكت، لماذا؟ لعدم وجود النص الصريح الذي يدل على أن الإيمان ينقص، وإن كان بعضهم طعن في ثبوت هذه الرواية عن مالك، على كلٍّ جماهير السلف الذي يُحْكَى أنه إجماع أن الإيمان يزيد وينقص وإنما توقف مالك رحمه الله تعالى في التصريح فحسب، هل نقول: ينقص هكذا نعبر؟ لم يرد في النص، وما دام أنه لم يرد نقف مع الشارح، وهذه طريقة السلف لا يتفوهون بكلمة واحدة ولو يعتقدون مدلولها الصحيح إذا لم يرد النص من الشارع، ولذلك إذا لم يرد تحريم هكذا كان الإمام أحمد يتوقف، لو كان الشيء حرامًا، لكن لا يعبر عنه أنه حرام يقول: لا ينبغي، تركه أحب إليَّ. دد