فهرس الكتاب
الصفحة 229 من 401

(وقال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79] ) بعد أن أقسم على ذلك، يعني: أقسم أولاً، {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 75، 76] ثم قال: ( {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ} ) . هذا جواب القسم، ( {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} ) وصفه بكونه كريمًا، أي: أن هذا القرآن الذي نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - لكتاب عظيم ( {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} ) ، أي: معظم، وفي كتاب معظم، يعني: محفوظ موقر، ( {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ) اختلف المفسرون في ( {الْمُطَهَّرُونَ} ) قيل: الملائكة، وقيل: المطهرون من الجنابة والحدث، والأول أولى، عن ابن عباس قال: الكتاب الذي في السماء ( {لَّا يَمَسُّهُ} ) الضمير يعود إلى الكتاب السابق ( {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} ) اللوح المحفوظ، قال: ( {لَّا يَمَسُّهُ} ) . أي: في ذلك الموضع ( {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ) ، يعني: الملائكة، وبدليل خارجي وهو حديث عمرو بن حزم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمس القرآن إلا طاهر» . يدل على أنه لا يمسه إلا طاهر من الجنابة والحدث، يعني: لا يمس القرآن إلا متطهر من الحدث الأكبر والأصغر، وهذا هو المرجح، الصحيح من أقوال أهل العلم الفقهاء أنه لا يحل لمسلم أن يمس القرآن إلا وهو طاهر بخلاف القراءة، القراءة جمهور أهل العلم على أنه يحرم على الجنب أن يقرأ، وأما المحدث حدثًا أصغر فيجوز له، التفريق بين المحدث حدث أكبر وحدث أصغر، والصحيح أنه لا فرق بينهما يجوز القراءة لمن عليه جنابة أو امرأة حائض أو نفساء ولا دليل صحيح واضح بين يدل على التحريم، لأن الأصل الجواز، والأصل مشروعية والأدلة عامة {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ} [فاطر: 29] ، {يَتْلُونَ} واو جماعة فيدل على المتطهر وعلى المحدث بنوعيه، فدل على أنه يشرع لهم التلاوة {يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] إلى آخره {يَذْكُرُونَ اللَّهَ} ، ومن ذكر الله عز وجل تلاوة القرآن، فدل ذلك على أن الأصل هو مشروعية التلاوة حينئذٍ يقرأ المتطهر والمحدث، وأما التفريق بين المحدث حدث أصغر والمحدث حدث أكبر فكل نص ورد في تحريم القراءة «لا يقرأ هذا القرآن لا حائضًا ولا نفساء» . قال: «ولا جنب» . كما في حديث علي وجابر فهو حديث ضعيف لا يستند إليه، بل عند بعض المحدثين أنه حديث منكر، إذًا جاء النص النبوي بكونه يحرم على المحدث حدث أصغر أو أكبر مس القرآن، ويختص الحكم بالمس دون القراءة فيبقى على الأصل، فإذا حُمِلَ قوله: {إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام