فهرس الكتاب
الصفحة 210 من 401

ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (وروى عبد الله بن أنيس) . الجهني وهو صحابي مشهور توفي سنة أربع وخمسين من الهجرة، (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يحشر الله الخلائق» ) ، ( «يحشر الله» ) ، إذًا فيه إثبات الحشر، ( «الخلائق» ) عامة للجن والإنس يدخل فيه البهائم كذلك، ( «يوم القيامة» ) إذا نادى مقيد بوقت دون وقت، ( «عراة حفاة غرلاً بهمًا» ) أربع صفات، ( «فيناديهم بصوت» ) هذا محل الشاهد ( «فيناديهم بصوت يسمعه» ) يعني يسمع هذا النداء والصوت، ( «من بَعُدَ كما يسمعه من قرب» ) ، يناديهم بماذا؟ ( «أنا الملك أنا الديان» . رواه الأئمة، واستشهد به البخاري) رحمه الله تعالى، رواه البخاري في موضعين، في أحداهما بصيغة الجزم، والثاني بصيغة التمريض، على كلٍّ هو ثابت، وقوله: ( «عراة» ) . يعني ليس عليهم ما يسترون به أجسادهم من لباس ونحوه، و ( «حفاةً» ) بالنصب كذلك يعني غير منتعلين ( «غرلاً» ) ، يعني غير مختونين، ( «بهمًا» ) فُعْلاً، أصل البهم السواد، ومنه الكلب البهيم، وهو خالص السواد، قيل: لا شيء معهم. ( «بهمًا» ) ، يعني: لا شيء معهم، وقيل: أصحاء. يعني: لا مرضى، وقيل: سالمين من العاهات من عرج وعمى ونحوهما. والمراد أن الناس يبعثون من قبورهم ويحشرون إلى ربهم سبحانه وهم على هذه الحالة من الضعف والعجز والفقر، ( «فيناديهم بصوت» ) هذا محل الشاهد من الحديث، والنداء كما سبق لا يكون إلا بصوت، وفيه إثبات كلام الله تعالى وأنه يناديهم بصوت يسمعه جميع من المحشر، يعني: القريب والبعيد الصوت عندهم سواء، لا يضعف في محل دون محل، لكن يرد هنا إذا قيل: بأن الصوت داخل في مفهوم النداء لم خصه؟ نقول: خصه لوصفه. لأن قوله: ( «فيناديهم» ) . كل نداء بصوت، أليس كذلك؟ لم قال: ( «فيناديهم بصوت» ) ؟ هل عندنا نداء بصوت ونداء بدون صوت؟ لا ليس عندنا نداء بدون صوت، حينئذٍ قوله: ( «بصوت» ) . هذا جار ومجرور لا مفهوم له، ليس له مفهوم بمعنى أنه عندنا نداء لا صوت معه، وإنما لما أراد أن يصف هذا الصوت بأنه لا يختلف كما هو الشأن في شأن البشر القريب، أنت تنادي بالصوت يسمعك القريب، ويسمعك البعيد، وقد لا يسمعك البعيد، ثم البعيد سمعه ليس كسمع القريب، بل هو أضعف، لكن هل هذا في حق الله عز وجل؟ الجواب: لا، إذًا لما أراد أن يصف هذا الصوت ويبين أنه مخالف لصوت المخلوقين، قال: ( «بصوت» ) . ثم وصف هذا الصوت ( «يسمعه» ) ، أي هذا الصوت ( «من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان» ) فيه إثبات اسمين لله عز وجل وهما: الملك، والديان. والديان الصحيح أنه اسم من أسماء الله تعالى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام