الحديث وهو متفق عليه، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه رَبُّهُ» . رَبُّهُ هذا فاعل، يكلمه دل على أنه متصف بصفة الكلام «ليس بينه وبينه ترجمان» . متفق عليه، قوله قول المصنف: (ويأذن لهم فيزورونه) . لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أهل الجنة إذا دخلوا فيها نزلوا بفضل أعمالهم، ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم» . الحديث، رواه ابن ماجة، والترمذي، وقال: غريب. وضعفه الألباني، ذلك فيه شيء من الضعف، ثم ذكر المصنف ست آيات تدل على صفة الكلام وأنه كلام بحرف وصوت وأنه مسموع.
( {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء: 164] ) هذه الآية الأولى، ( {اللهُ} ) فاعل فالكلام حينئذٍ واقع منه، لأنه فاعل فإذا أسند الفعل إلى فاعله دل على أنه متصف بهذا الوصف الذي دل عليه الفعل، و ( {تَكْلِيماً} ) مصدر مؤكد، وفائدته نفي احتمال المجاز، ( {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ) تكليم هذا مصدر كَلَّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا، فدل على أنه كلام حقيقي فكلام الله عز وجل لموسى كلام حقيقي بحرف وصوت سمعه، ولهذا جرت بينهم محاورة كما جاء في سورة طه وغيرها.
والآية الثانية ما أشار إليه المصنف بقوله: (وقال سبحانه: {يَا مُوسَى} ) . هذا نداء، ( {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} [الأعراف: 144] ) ، ( {بِرِسَالاَتِي} ) جمع رسالة، ( {وَبِكَلاَمِي} ) اصطفيتك بكلامي، وهذا محل الشاهد، وقوله: ( {يَا مُوسَى} ) . هذا نداء وهو نوع من الكلام، وهذا يدل على أن الله كلم موسى بكلام سمعه موسى وفهمه، ( {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} ) الاصطفاء الاختيار، أي: اخترتك ( {عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} ) ، الله تعالى كلم موسى بهذا القول ( {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} ) ، هذا الذي سمعه موسى، ( {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ} ) اخترتك ( {بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} ) ، قد اصطفاه في هذين الأمرين، ... ( {بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} ) ، ولهذا سمي موسى كليم الرحمن، ( {بِرِسَالاَتِي} ) ، أي: بإرسالي لك إلى فرعون، وإلى قومك من بني إسرائيل، وبتكليمي لك كلامًا مني إليك.
الآية الثالثة وهي ما أشار إليه بقوله: ( {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ} [البقرة: 253] ) . يعني: من كلمه حذف المفعول به هنا للعلم به.
وحذف فضلة أجز
وهذا فضلة بمعنى أنه مفعول به، فهو جائز الحذف، ( {مِّنْهُم} ) أي من الرسل، ومن هنا للتبعيض ( {مَّن كَلَّمَ اللهُ} ) الله فاعل كلم، ومفعول محذوف يعود على من، أي كلمه الله ( {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ} ) ، وهذا سائغ في لسان العرب.