قلنا قال: (ومن صفات الله تعالى) ، (ومن صفات) يعني: بعض (أنه متكلم بكلام قديم) قوله: (قديم) هذا فيه نظر لأنه أطلقه، وهذا من المؤاخذ على هذا الكتاب، لأنه لم يفصل نحن نقول عند: عند أهل السنة والجماعة قديم النوع حادث الآحاد. قديم النوع يعني: أصله قديم أزلي، وأما الآحاد فقد توجد شيئًا فشيئًا، والله عز وجل تكلم البارحة مثلاً (هل من سائل فأعطيه سؤله، هل من داعيِ، فأستجيب له من يدعوني فأستجيب له) . ونقول الليلة سيتكلم كذلك، إذًا نزل نزولاً يليق بجلاله في الثلث الأخير يقول «هل من سائل فأعطيه سؤله» تكلم بما مضى في اليوم الماضي وما قبله، ولم يتكلم فنثبت وننفي، لأننا الآن لم يأت وقت التنزل أو النزول الإلهي، حينئذٍ لا نثبت لأن الله تعالى نزل هذا أولاً، ثم ما يتضمنه هذا النزول من الكلام كذلك لا نثبته. قول المصنف: (أنه متكلم بكلام قديم) . لفظ (قديم) لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة، يعني: لم يرد هذا النص لا في الكتاب ولا في السنة، وبعض المتأخرين يجعله من أسماء الله تعالى يقول: (القديم) كالعليم والسميع والبصير، اسمٌ من أسماء الله تعالى ولا يصح أن يكون: (القديم) اسمًا من أسماء الله تعالى الْحُسنى لأمرين، يعني إدخاله في الأسماء الحسنى نقول هذا إدخال باطل، لأمرين:
الأول: أن أسماء الله تعالى عند أهل السنة توقيفية: توقيفية بمعنى موقوفة على السماع، لا يحل لامرئٍ سواء كان عالمًا أو طالب علم أو جاهل أن يقول بأن هذا اللفظ من أسماء الله تعالى إلا إذا ثبت. يعني: إلا بدليل من كتابٍ أو سنة، وأما مجرد اجتهاد فليست الأسماء ولا الصفات مجالاً للاجتهاد. يعني: لا تثبت بالرأي، لماذا؟ لأن القاعدة العامة كما ذكرنا أن الله تعالى غيب ولا يتوصل العباد إلى معرفته إلا بما تعرف به على، في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما عدا ذلك فالأصل فيه المنع، ولذلك كان من معاقد الفصل بين السلف وبين المخالفين أن أسماء الله عز وجل وصفاته إنما تثبت بالسمع لا بالعقل، وعند المخالفين تثبت بالعقل لا بالسمع، وهذا محل الخلاف مع الأشاعرة، وكما ذكرنا سابقًا أنه إذا تقرر أن أصل الإثبات عندهم هو العقل لا السمع حينئذٍ لا يمكن أن يتفق الطائفتان، لا يمكن أن نقول بأن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة البتة، لماذا؟ لأنه كما لو قيل أو قال قائل: أنا مصدري الكتاب والسنة. قال آخر: لا، ليس مصدري الكتاب والسنة، بينهما فرق أم لا؟ هل يلتقيان؟ لا يمكن أن يلتقيان. فمن قال بأن مصدري هو الكتاب والسنة الوحي حينئذٍ نقول هذا قد استقام على الطريقة، وأما ما يقول ليس مصدري الكتاب والسنة وإنما العقل، والعقل ليس بوحي ليس هو الوحي حينئذٍ ثَمَّ طريقان متقاطعان، أهل السنة والجماعة، والأشاعرة، أأكد على هذا لأن بعض المعاصرين يريدون أن يوفقوا بين هذه الجماعات كلها، الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، يقول: أهل السنة والجماعة ثلاث طوائف:
أولاً: أشعرية.
ثانيًا: الماتريدية.
وثالثًا: أهل الحديث.