فهرس الكتاب
الصفحة 199 من 401

وقد يُجمع بين هذين النوعين في صفةٍ واحدة باعتبارين يعني: من جهتين منفكة وليس في محل واحد، فيقال باعتبار أصل الصفة فالله جل وعلا متصف بصفة الكلام، بمعنى أنه لم يزل متكلِّمًا سبحانه وتعالى، متى أراد أن يتكلم تكلم بما شاء كما شاء، وأما آحاد الكلام فهذه يعني: كونه يوجد شيئًا فشيئًا فهذا نقول: حادثٌ ولا يلزم من وصفه بالحدوث أن يكون مخلوقًا، لأن الحادث يُطلق عند السلف ويراد به معنيان، قد يكون مخلوقًا، وقد لا يكون مخلوقًا، فإذا أضيف إلى صفة من صفات الرب جل وعلا لا يلزم منه أن يكون مخلوقًا، وهو صفة ذاتية فعلية باعتبارين، يعني: باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، وباعتبار الآحاد صفة فعلية، وهو كلام حقيقي يليق بالله تعالى يعني: ليس ككلام المخلوقين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشوى: 11] يتعلق بمشيئته، ولذلك يقول أهل السنة: يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء. يتكلم متى شاء هذا يتعلق بماذا؟ بالزمن باعتبار الزمن، يعني: سواء كان في الليل أو في النهار، قبل خلق السماوات بعد خلق السماوات، يوم القيامة قبل يوم القيامة، متى شاء، في الزمن الذي يريده الله عز وجل تكلم، وبما شاء يعني: باعتبار الكلام نفسه، لأن الكلام أنواع قد يكون أمرًا، وقد يكون نهيًا، وقد يكون خبرًا، وقد يكون إنشاءً إلى غير ذلك. هذه أنواع، تكلم بما شاء. كيف شاء يعني: على الكيفية والصفة التي يريدها سبحانه وتعالى سواء أراد أن يكلم مباشرة كفاحًا، أو أن يكون بواسطةٍ ملكٍ ونحو ذلك. بحروفٍ وأصوات مسموعة لأنه كلام، وقلنا: الكلام هو اللفظ، ولا يكون لفظًا إلا إذا كان مركبًا من كلمات، وهذه الكلمات مؤلفة من حروف. وقوله جل وعلا {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} كلم هذا فعل ماضي وهو كلم، والله كذلك كلمة هو اسمٌ، وكل من الفعل والفاعل هنا مؤلف من حروف، ثم سمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلغه، ومن استمع إلى هذا الكلام علم أنه كلام الله عز وجل.

إذًا بحروفٍ وأصواتٍ مسموعة والأدلة هذه سيأتي ذكرها في كلام المصنف رحمه الله تعالى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام