(والسؤال عنه) يعني: عن السؤال يعني الاستفهام والاستخبار عنه يعني: عن الكيف (بدعة) ، والبدعة هي كل محدثة في الدين، «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» . ومن هذا الحدث في الذين هو سؤال عن المغيبات سواء كانت متعلقة بذات الرجل وعلا أو متعلقة بغير الرب جل وعلا، والإنسان مأمور بما يستفيد منه عملاً، يعني التشكيك في بعض المسائل ليس من العلم في شيء، وإن كان يظنه بعض الطلاب بأنه من العلم وأنه يدل على العقل والذكاء، نقول: هذا على طريقة السلف. ليس كل ما ورد في الذهن يُسأل عنه.
ولذلك البارحة وردتني رسالة: هل الله عز وجل قادر على أن يخلق إلهًا آخر؟ سبحان هذا سؤال باطل من أصله، نقول كما قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] ولا نورد مثل هذه الإرادات الباطلة، نقول: هذا يعتبر من التشكيك ومن التكلف الذي نُهِيَ عنه المسلم.
(ثم أمر) يعني: الإمام مالك (بالرجل) السائل (فأخرج) يعني: من المسجد طرده خوفًا من أن يفتن الناس في عقيدتهم وتعزيزًا له بمنعه من مجالس العلم، طرده لأنه قد وقع في منكر، وهو السؤال عما لا يعنيه. هذا الأثر أورده ابن قدامة رحمه الله تعالى في ذم التأويل وحمل قول الإمام مالك هنا: الاستواء غير مجهول. أي: غير مجهول الوجود، لأنه مذكور في القرآن، وإذا قيل بأنه غير مجهول الوجود، لا يلزم به الإيمان من جهة المعنى. إذا قيل: الاستواء موجودٌ في كلام الله عز وجل، هل دل على إثبات المعنى؟ لا يدل على إثبات المعنى. حينئذٍ صار هذا من التحريف لكلام أبي عبد الله الإمام مالك أبي أنس رحمه الله تعالى.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: (فصلٌ) وفي بعض النسخ (كلام الله) يعني: ذكر صفةً أخرى. (فصلٌ) أي: هذا كلامٌ مفصول عن سابقه، أو هذا كلامٌ فاصل عما سبقه، لأن الفصل في اللغة هو الحاجز بين الشيئين، وفي اصطلاح المصنفين ألفاظٌ مخصوصة دالةٌ على معاني مخصوصة. (ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديمٍ يسمعه منه من شاء من خلقه، سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة، وسمعه جبريل عليه السلام، ومن أذن له من ملائكته ورسله) . هذا صفة الكلام إثباتها لله عز وجل. قوله: (ومن صفات الله تعالى) إنما فصل الكلام هنا لعظم هذه الصفة، وهي صفة الكلام ولكثرة الخوض فيها من أرباب البدع، المخالفون هنا كُثُر، ولذلك سُمِّيَ علم الكلام على قولهم، علم الكلام نسبة لكثرة كلامهم في كلام الله عز وجل. يعني: تحريفًا وإبطالاً لمدلول النصوص، لذلك سُمُّوا علماء الكلام. إذًا نقول: فصل المصنف هنا رحمه الله تعالى الكلام عن سابقه لكون هذه الصفة وهي صفة الكلام مما كثر الخوض فيها من أرباب البدع.
والكلام صفة من صفات الله تعالى الثابت له في الكتاب والسنة والإجماع إجماع السلف كما ذكرنا سابقًا.