ثم قال المصنف: (وقوله) . يعني: - صلى الله عليه وسلم -، ( «يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة» ) هذا الحديث ضعيف، لكنه مستند آخر، يعني: هذه الصفة وهي الصفة الحادية عشرة وهي صفة العجب، وهي من صفات الله تعالى الثابتة له بالكتاب والسنة والإجماع، لو ضعف هذا الحديث لا يدل على إسقاط الصفة من أصلها، وحينئذٍ هذه صفة ثابتة بالكتاب قال تعالى: (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات: 12] {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} . (عَجِبْتُ) بضم التاء على قراءة ضم التاء قراءة سبعية متواترة (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) ، (عَجِبْتُ) هذا فيه إسناد الفعل إلى الفاعل، والمتكلم هو الله عز وجل، إذًا ثبتت هذه الصفة بالكتاب، وعلى قراءة من قرأ {بَلْ عَجِبْتَ} ليس فيه إثبات الصفة بالكتاب، لا إشكال، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: ... ( «يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة» ) . الحديث الذي خَرَّجه أحمد وغيره وإسناده ضعيف على ما ذكره المصنف، فيه ابن لهيعة، وأورد ابن تيمية في (( الواسطية ) )حديث «عجب ربنا من قنوت عباده وقرب غِيَرِه» ، ... «عجب ربنا» ، أثبت هذا الحديث، وهو حديثٌ حسن حسنه الألباني وغيره، وأحسن منهما من هاذين الحديثين الأول ضعيف والثاني مختلفٌ فيه وأورده ابن تيمية في (( الواسطية ) )، وأحسن منهما ما أخرجه البخاري في التفسير باب {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ} [الحشر: 9] ، يعني: تفسير هذه الآية {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ} عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: «لقد عجب الله عز وجل» . أو قال: «ضحك من فلان وفلانة» . «لقد عجب الله» ، فيه إسناد العجب إلى الله عز وجل «من فلان وفلانة» فأنزل الله عز وجل {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} ، الاستدلال بهذا الحديث أولى في هذا المقام، وأجمع السلف على ثبوت العجب لله تعالى لكن العجب هو استغراب الشيء، هذا من حيث المعنى العام، استغراب الشيء، ثَمَّ نوعٌ محالٌ على الله عز وجل، وثَمَّ نوعٌ هو الذي أراده الله عز وجل بالآية والنصوص الأخرى، وله سببان، يعني: استغراب الشيء له سببان:
الأول: يعني متى يستغرب الإنسان؟ يستغرب إذا كان صادرًا عن خفاء الأسباب على المتعجب، استخفى عليك الأمور فيظهر لك شيء فتتعجب، إذًا أنت جاهل أولاً، ثم علمت فتعجبت، استغربت الشيء، هذا ممكن في حق الله عز وجل أو ممتنع؟ هذا ممتنع، لأن مبناه على الجهل وعدم العلم، والله عز وجل يعلم كل شيء كما سبق بيانه، إذًا السبب الأول أن يكون صادر عن خفاء الأسباب على المتعجب، فيندهش له ويستعظمه ويتعجب منه، بحيث يأتيه بغتة بدون توقع، وهذا النوع مستحيلٌ على الله تعالى، لأن الله بكل شيءٍ عليم لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء.