قد يقال هذا وقد يقال ذاك، حينئذٍ عليم دل على ذات متصفة بصفة وهي العلم، لكن العلم لوحده لفظ العلم هذا يدل على شيء واحد وهو معنى وهو إدراك المعلومات، إدراك المعلومات دل عليه المصدر وهو لفظ علم، علم دل على شيء واحد، وأما العليم دل على شيئين وهو الذات مع الصفة وهي صفة العلم، وأما العلم فهو دال على شيء واحد، هذا أهم الفوارق بين الأمرين الصفة والاسم، وتنقسم صفات الله تعالى إلى قسمين باستقراء الكتاب والسنة، ثَمَّ القواعد عند أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالأسماء وفيما يتعلق بالصفات، بعضها منصوص عليه، وبعضها ثابت بالاستقراء والتتبع، والاستقراء والتتبع التام يعتبر حجة ويؤخذ به في الأحكام الشرعية سواء كانت الأحكام عقدية أو كانت عملية، فالنظر في كلام الله تعالى وهو كلام عربي فصيح لا يخرج الكلام عن أمرين سواء كانت الجملة اسمية أو كانت الجملة فعلية: إما إثبات، وإما نفي. أليس كذلك؟ قَامَ زَيْدٌ، مَا قَامَ زَيْدٌ، هل يوجد واسطة؟ لا يوجد واسطة، حينئذٍ هذا التركيب قَامَ زَيْدٌ نقول: هذا ثبوتي، وهو إثبات القيام لزيد، مَا قَامَ زَيْد هذا نفي فهو سلب، حينئذٍ نقول: نفي القيام عن زيد هو الذي دل عليه هذا النص مَا قَامَ زَيْد كلام الله تعالى نزل بلسان عربي مبين حينئذٍ نظرنا باستقراء القرآن من أوله إلى آخره فوجدنا أن الله تعالى إما أن يثبت صفة له وإما أن ينفي صفة عنه على ما تقرر من أن الجملة الاسمية أو الفعلية قد تكون مثبتة وقد تكون منفية، حينئذٍ انقسمت الصفات إلى صفة ثبوتية، وإلى صفة سلبية منفية، أقول: هذا التقرير لأن البعض ينازع في هذه القاعدة يقول: لم يتكلم السلف في مثل هذه الألفاظ. نقول: هذه الألفاظ دل عليها الكتاب والسنة، لأن بعض المسائل قد لا يتكلم فيها السلف بمعنى أنه لم يوجد ما يقتضي أن يتكلم الصحابة أو كبار التابعين أو من بعدهم إلى أن تنزل نازلة حينئذٍ ينظر أهل العلم فيستنبطون بعض الألفاظ ويعبرون بها عن معتقد أهل السنة والجماعة، فمنها هذا الذي ذكره ابن القيم وتبعه عليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في (( القواعد المثلى ) )أن الصفات تنقسم إلى قسمين: صفات ثبوتية، وصفات منفية. وإن شئت قل: سلبية. دليله الاستقراء والتتبع، والاستقراء والتتبع يعتبر حجة شرعية تثبت بها، لكن الاستقراء والتتبع على نوعين: استقراء تام، واستقراء ناقص.
تام بمعنى أنه ينظر في القرآن ولا يترك آية واحدة إلا ونظر فيها هذا استقراء تام وهو حجة شرعية، فهو الاستدلال بالجزء على الكل.
وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّيْ اسْتُدِلْ ... فَذَا بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ
حينئذٍ نقول: هو حجة شرعية ولا إشكال فيه، وإنما الخلاف هل يفيد القطع أو الظن؟