فهرس الكتاب
الصفحة 135 من 401

ثم أورد مناظرةً بين سنيٍ وبدعي فيها تقرير أهل البدع واعترافهم بأنهم قد جاءوا بشيءٍ لم يُسْبَقُوا إليه (وقال محمد بن عبد الرحمن الآذرمي) بالذال قيل: الآدرمي، لكن المشهور أنه بالذال معجمة هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الآذرمي، قال ماذا؟ قال (لرجل تكلم ببدعة) . هنا أبهمه ابن قدامه إن كان المشهور هو أحمد بن أبي دؤاد، هذه السني هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد الآذرمي، وسبب هذه المناظرة أن الخليفة العباسي الواثق بالله هارون بن محمد كان على طريقة أبيه المعتصم في المحنة بخلق القرآن، واستدعى الآذرمي لامتحانه، يعني: هل تقول القرآن مخلوق أو لا؟ وهذا امتحانه كما امتحن الإمام أحمد وغيره، فوقعت هذه المناظرة بينه وبين أحمد بن أبي دؤاد المبتدع الضال، وأول من هم بالمحنة هو الخليفة المأمون فمات قبل التمكن منها حماه الله عز وجل، ثم تولاها بعده أخوه المعتصم، ثم بعده الواثق، قال (لرجل تكلم ببدعة) البدعة هي: القول بخلق القرآن، (ودعا الناس إليها) ، يعني: حمل الناس إليها بقوة، يجب أن تعتقد هذا المعتقد، قال له هذا السني: (هل علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» . هل علموا هذه المسألة أو لا؟ (قال: لم يعلموها) ، إذًا هذا النفي يتضمن ماذا؟ يتضمن انتقاص النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، لأنهم لم يعلموا شيء هو من الدين لم يعلموا شيئًا من الدين، قد قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] . وهذا المبتدع قد علم شيئًا لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذًا هذا النفي بقول: (لم يعلموها) . يتضمن انتقاص النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه حيث كانوا جاهلين بما هو من أهم أمور الدين ومع ذلك فهو حجةٌ على هذا المبتدع، لأنه شيءٌ لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته حينئذٍ كان يلزمك عدم العلم وعدم الخوض فيما لم يخوضوا فيه، هذا الأصل هو حجةٌ عليه، يعني لو وقف إلى هنا وأتى بما سبق من النصوص لكفاه، ... (قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت؟) فكيف يحجب الله عز وجل عن رسوله وخلفائه علم شيءٍ في الشريعة ويفتحه عليك أنت؟ (قال الرجل) رجع (فإني أقول: قد علموها) ، استدرك بأنه إذا قيل: لم يعلموها. حينئذٍ كيف فتح الله عز وجل عليك؟ ليس بينك وبين الله وحي، والمنامات ليست محلاً للأحكام الشرعية ولا المعتقدات، حينئذٍ ما الواسطة بينك وبينهم؟ إذا قلت: بأنهم لا يعلموها وقد علمتها أنت، إذًا هي من الدين فكيف السبيل إلى ذلك؟ قال: إذًا لم يعلموها. رجع أنكر ما قد اعترف به، ... (قال الرجل: فإني أقول: قد علموها. قال) السني (أفوسعهم أن لا يتكلموا به، ولا يدعوا الناس إليه، أم لم يسعهم؟) ، وَسُعَ الشيء يَوْسَعُ وَسَاعَةً لم يَضِقْ فهو وسيع، يعني هل أمكنهم ولم يضيق عليه في شيءٍ علموه لم يدعوا الناس إليه ولم يلزموا الناس إليه (أم لم يسعهم؟ قال: بلى وسعهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام