القاعدة هي متون فقهية أريد بها اختصارًا وتلخيص العلم لنوعٍ خاص، ليست للعامة لنوعٍ خاص من طلاب العلم من أجل أن يسلك المسلك الصحيح في التلقي من أجل أن يَتَرَقَّى في طلب العلم، فيحفظ القول ثم بعد ذلك يذكر له دليله، ثم بعد ذلك يذكر له الفقه المقارن نقول: هذه المتون كالزاد وغيرها هي آراء رجال، لكنها مستندة إلى دليلٍ شرعي، إذًا لم يحذر السلف من مثل هذه، وإنما حذروا من آراء الرجال ومن الأحكام التي مبناها على الرأي، ولذلك قسموا أهل أو قسموا أهل الفقه إلى قسمين: أهل الرأي مدرسة الرأي، ويجعل على رأسه ربيعة، ولذلك سمي ربيعة الرأي لأنه أكثر من القياس، وتلميذه أبو حنيفة على طريقته، ومدرسة أهل الحديث، وجعلوا فيها الإمام مالك، والشافعي، والإمام أحمد، إذًا الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد من مدرسة الحديث يقابلهم ماذا؟ أبو حنيفة من مدرسة الرأي وليس مرادهم أن أبا حنفية يعتمد على رأيٍ ليس عليه مستند شرعي صحيح؟ لا، الإمام أبو حنيفة كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى: يكفي في تزكيته إجماع الأمة من يومه إلى عصر ابن القيم إلى يومنا هذا أنه لا يقال إلا الإمام أبو حنيفة. يكفي فيه أن يزكى بمثل هذه التزكية وأن مذهبه مذهب متبع في جميع العالم الإسلامي، قد يتبعه بعضهم تقليدًا، وقد يتبعه بعضهم بالنظر في قوله ودليله وما اعتمد عليه، وقد يرجح قول أبو حنيفة وقد يرجح غيره، إذًا ما ذكر من أن هذه المتون معتمدة على أدلة شرعية حينئذٍ لا ينبغي توجيه الذم إليها، (وإن زخرفوه لك بالقول) ، (وإياك وآراء الرجال) ، يعني: التي ليست مستندة إلى دليل شرعي، (وإن زخرفوه) يعني: جملوه وحسنوه لك بالقول، لأن المبتدع قد يكون فصيحًا، وقد يُؤتى من حسن الكلام ما يُؤتى، «وإن من البيان لسحرًا» . حينئذٍ يأتي صاحب الباطل فيشيع بدعته ولكنه يأتي بعبارات ويقويها بأدلة من نصوص الوحيين الكتاب أو السنة، لكن توافق هواه دون غيره، (وإن زخرفوه لك بالقول) الأصل الزُّخْرُفُ هو الذهب، أصل الزُّخْرُفُ هو الذهب، ثم شُبِّهَ به كل مموه ومزور، إذًا أشار الأوزاعي هنا إلى وجوب الإتباع والتحذير من الابتداع، وأن الدين كامل فلا يحتاج إلى ابتداع أو آراء الرجال، واحذر كل الحذر ممن يزخرف قوله بزخرفةٍ وتجميلٍ، ثم ليس على قوله برهانٌ من كتاب أو سنة.