ويقول [1]
(( وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه وهذا الأصل هو أصل الدين وبحسب تحقيقه يكون الدين وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وإليه دعا الرسول وعليه جاهد وبه أمر وفيه رغب وهو قطب الدين الذي تدور عليه رحاه والشرك غالب على النفوس وهو كما جاء في الحديث وهو في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل [2] وفي حديث آخر قال أبو بكر الجواب يا رسول الله كيف ننجو منه وهو أخفى من دبيب النمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الجواب ألا أعلمك كلمة إذا قلتها نجوت من دقه وجله قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم وكان عمر يقول في دعائه اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا [3] ، وكثيرا ما يخالط النفوس من الشهوات الخفية ما يفسد عليها تحقيق محبتها وعبوديتها له وإخلاص دينها له كما قال شداد بن أوس يا بقايا العرب إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية قيل لأبي داود السجستاني وما الشهوة الخفية قال: حب الرئاسة وعن كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه [4] ) .
معلوم أن الإخلاص والمتابعة شرط صحة لقبول العمل ، ولكن هناك من يفهم المتابعة فهم خاطئ فمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم تستلزم موافقته في القصد والنية - وهما من عمل القلب- ، وليس في الفعل الظاهر فقط ، وإلا صار مخالفا للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا من الأخذ ببعض الكتاب وترك بعضه ، قال سبحانه: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(85) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ))البقرة .
(1) )الفتاوى الكبرى2/398 .
(2) ) سوف يأتي تخريجه .
(3) ) (( طبقات المحدثين 4/261 ) )عبدا لله ابن حيان الأنصاري .
(4) ) أخرجه الترمذي رقم 2376، وقال حديث حسن صحيح .