2)إذا تأملنا واقع المدخلات [1] والمخرجات الدعوية في هذا العصر والتي لها قرابة ( 70) عاما، ثم عملنا مقارنة سريعة بين هذه المدخلات والمخرجات الدعوية اليوم وبين المدخلات والمخرجات للسلف -رضوان الله عليهم - لتفطر القلب حزنا وألما مما يراه ، فالمدخلات قديما كانت متواضعة جدا مقارنة مع مدخلات اليوم ، ولكن مخرجاتها كانت عظيمة .
فالمولى سبحانه لا يبارك بعمل الآخرة من أجل الدنيا، ولابعمل الآخرة باسم الآخرة ولكن يبارك بعمل الآخرة لأجل الآخرة ، وقد يبارك بعمل الدنيا لأجل الدنيا لأنه صدق، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، فالبركة في الدعوة علامة مهمة من علامات الإخلاص الكثيرة والذي يجب أن لا يغيب طرفة عين عن كل مسلم عند كل عمل صغر أم كبر
إذا كان طالب العلم يعتقد بأن كل إنسان ميسر لما خلق له ، ويعتقد أنه ميسر لسلك طريق الدعوة ويجد ذاته فيها دون مراقبة ومكاشفة لنيته في كل عمل صغر أم كبر ، فلن يستطيع بعد ذلك اكتشاف هذا الفيروس - الرياء - الذي تطور مع مر العصور من خلال تلك الدوافع التي تقدم ذكرها ، وكذلك ضعف أو عدم وجود القدوة.
وقد يقول قائل: جاء في الحديث: (( عرضت على الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلين والنبي وليس معه أحد ) )، فهل ذاك النبي لم يكن مخلصا ؟
الجواب باختصار:
أن هذه الأمة موعودة بالتمكين إن أخلصت عملها لله وليس للذات ، قال سبحانه: (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ) [2] ، وقال عليه الصلاة والسلام (( بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصرة والتمكين في الأرض ومن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ) ) [3] ، فشرع ما قبلنا
(1) ) ويقصد بالمدخلات: كثرة انتشار الوسائل الدعوية من قنوات فضائية و جامعات وكليات ومعاهد ومحاضرات ودروس وغيرها من الأمور الكثيرة المعروفة التي لا تعد ولا تحصى . والمخرجات: النتائج والثمار التي ينبغي أو يتوقع جنيها من هذه المدخلات .
(2) ) النور:55
(3) ) أخرجه ابن حبان في صحيحه (( 405 ) )وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين . والحاكم في المستدرك (( 7862 ) )، وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه . وقال الذهبي في التلخيص: (( صحيح ) ). ، وصححه الألباني في كتاب الترغيب والترهيب .