فهرس الكتاب
الصفحة 14 من 188

ارتضاه،ولا بد من القاعدة ليقوم البناء.والعمل الصالح هو هذا البناء.فهو منهار من أساسه ما لم يقم على قاعدته.

والعمل الصالح هو ثمرة الإيمان التي تثبت وجوده وحيويته في الضمير.والإسلام بالذات عقيدة متحركة متى تم وجودها في الضمير تحولت إلى عمل صالح هو الصورة الظاهرة للإيمان المضمر ..والثمرة اليانعة للجذور الممتدة في الأعماق.

ومن ثم يقرن القرآن دائما بين الإيمان والعمل الصالح كلما ذكر العمل والجزاء.فلا جزاء على إيمان عاطل خامد لا يعمل ولا يثمر.ولا على عمل منقطع لا يقوم على الإيمان.

والعمل الطيب الذي لا يصدر عن إيمان إنما هو مصادفة عابرة،لأنه غير مرتبط بمنهج مرسوم.ولا موصول بناموس مطرد.وإن هو إلا شهوة أو نزوة غير موصولة بالباعث الأصيل للعمل الصالح في هذا الوجود.وهو الإيمان بإله يرضى عن العمل الصالح،لأنه وسيلة البناء في هذا الكون،ووسيلة الكمال الذي قدره اللّه لهذه الحياة.فهو حركة ذات غاية مرتبطة بغاية الحياة ومصيرها،لا فلتة عابرة،ولا نزوة عارضة،ولا رمية بغير هدف،ولا اتجاها معزولا عن اتجاه الكون وناموسه الكبير.

والجزاء على العمل يتم في الآخرة حتى ولو قدم منه قسط في الدنيا.فالقرى التي هلكت بعذاب الاستئصال ستعود كذلك حتما لتنال جزاءها الأخير،وعدم عودتها ممتنعة،فهي راجعة بكل تأكيد. [1]

وقال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} (19) سورة الإسراء

وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَمَا فِيهَا مِنْ نَعِيمٍ وَسُرُورٍ،وَرِضْوَانٍ مِنَ اللهِ،وَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِهِ،وَهُوَ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - ،وَكَانَ قَلْبُهُ مُؤْمِناً مُصَدِّقاً بِالثَّوَابِ وَالجَزَاءِ وَاليَوْمَ الآخِرِ،فَأُولئِكَ يَشْكُرُ اللهُ سَعْيَهُمْ وَيَجْزِيهِمْ بِمَا يَسْتَحِقُّونَ،وَهُوَ دُخُولُ الجَنَّةِ [2] .

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4 / 2397)

(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 2049)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام