وبهذا بينَ - صلى الله عليه وسلم - الدواءَ النافع لهذا الداء المهلكِ.وهي ثلاثة أشياء:
1-الانتهاءُ عن الوساوس الشيطانية
ٍ 2- والاستعاذةُ من شرِّ مَن ألقاها وشبّهَ بها؛ ليضلَّ بها العباد
3-والاعتصامُ بعصمةِ الإيمان الصحيحِ الذي مَنِ اعتصم به كانَ من الآمنين.وذلك:لأنَّ الباطل يتضحُ بطلانُه بأمورٍ كثيرة أعظمُها:العلمُ أنه منافٍ للحقِّ،وكلُّ ما ناقضَ الحقَّ فهو باطلٌ،قال تعالى {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (32) سورة يونس.
فإنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير لجميع الأشياء،الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه،ولا يأتي بالحسنات إلا هو،ولا يدفع السيئات إلا هو،ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة والجلال والإكرام.
{ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } عن عبادة من هذا وصفه،إلى عبادة الذي ليس له من وجوده إلا العدم،ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا،ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا.فليس له من الملك مثقال ذرة،ولا شركة له بوجه من الوجوه،ولا يشفع عند الله إلا بإذنه،فتبا لمن أشرك به،وويحًا لمن كفر به،لقد عدموا عقولهم،بعد أن عدموا أديانهم،بل فقدوا دنياهم وأخراهم. [1]
من سرورٍ وحزنٍ وخوفٍ وأمنٍ،وطاعةٍ،ومعصيةٍ،وغير ذلك من الأمور التي لابدَّ لكل أحد منها،فيلجؤونَ إلى الإيمانِ عند الخوفِ فيطمئنونَ إليه فيزيدهُم إيماناً وثباتاً،وقوة ًوشجاعةً،ويضمحلُّ الخوفُ الذي أصابهُم كما قال تعالى:عن خيارِ الخلق: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ
(1) - تفسير السعدي - (1 / 363)