معارك تختلف نتائجها.ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده اللّه لرسله.والذي لا يخلف ولو قامت قوى الأرض كلها في طريقه.الوعد بالنصر والغلبة والتمكين.
هذا الوعد سنة من سنن اللّه الكونية.سنة ماضية كما تمضي هذه الكواكب والنجوم في دوراتها المنتظمة وكما يتعاقب الليل والنهار في الأرض على مدار الزمان وكما تنبثق الحياة في الأرض الميتة ينزل عليها الماء ..
ولكنها مرهونة بتقدير اللّه،يحققها حين يشاء.ولقد تبطئ آثارها الظاهرة بالقياس إلى أعمار البشر المحدودة.
ولكنها لا تخلف أبدا ولا تتخلف وقد تتحقق في صورة لا يدركها البشر لأنهم يطلبون المألوف من صور النصر والغلبة،ولا يدركون تحقق السنة في صورة جديدة إلا بعد حين! ولقد يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند اللّه وأتباع رسله.ويريد اللّه صورة أخرى أكمل وأبقى.فيكون ما يريده اللّه.ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون ..ولقد أراد المسلمون قبيل غزوة بدر أن تكون لهم عير قريش وأراد اللّه أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة.وكان ما أراده اللّه هو الخير لهم وللإسلام.وكان هو النصر الذي أراده اللّه لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام.
ولقد يهزم جنود اللّه في معركة من المعارك،وتدور عليهم الدائرة،ويقسو عليهم الابتلاء لأن اللّه يعدهم للنصر في معركة أكبر.ولأن اللّه يهيئ الظروف من حولهم ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع،وفي خط أطول،وفي أثر أدوم.
لقد سبقت كلمة اللّه،ومضت إرادته بوعده،وثبتت سنته لا تتخلف ولا تحيد [1]
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3001)