فهرس الكتاب
الصفحة 92 من 188

هو الإيمان الإسلامي ..لا يمكن أن يظل خامدا لا يتحرك،كامنا لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن ..فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت.

شأنه شأن الزهرة لا تمسك أريجها.فهو ينبعث منها انبعاثا طبيعيا.وإلا فهو غير موجود! ومن هنا قيمة الإيمان ..إنه حركة وعمل وبناء وتعمير ..يتجه إلى اللّه ..إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير.وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة.وهذا مفهوم ما دام الإيمان هو الارتباط بالمنهج الرباني.وهذا المنهج حركة دائمة متصلة في صميم الوجود.صادرة عن تدبير،متجهة إلى غاية.وقيادة الإيمان للبشرية هي قيادة لتحقيق منهج الحركة التي هي طبيعة الوجود.الحركة الخيرة النظيفة البانية المعمرة اللائقة بمنهج يصدر عن اللّه. [1]

الخامسة والثلاثون : المؤمنون صمام الأمان للبشر جميعاً

قال تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (117) سورة هود

وهذه الإشارة تكشف عن سنة من سنن اللّه في الأمم.فالأمة التي يقع فيها الفساد بتعبيد الناس لغير اللّه،في صورة من صوره،فيجد من ينهض لدفعه هي أمم ناجية،لا يأخذها اللّه بالعذاب والتدمير.فأما الأمم التي يظلم فيها الظالمون،ويفسد فيها المفسدون،فلا ينهض من يدفع الظلم والفساد،أو يكون فيها من يستنكر،ولكنه لا يبلغ أن يؤثر في الواقع الفاسد،فإن سنة اللّه تحق عليها،إما بهلاك الاستئصال.وإما بهلاك الانحلال ..والاختلال!

فأصحاب الدعوة إلى ربوبية اللّه وحده،وتطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بالدينونة لغيره،هم صمام الأمان للأمم والشعوب ..وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين لإقرار ربوبية

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (6 / 3965)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام