يُخَالِفُوا أَمْرَ اللهِ،وَلاَ سُنَّةَ نَبِّيهِ التِي عُرِفَتْ بِالتَّوَاتُرِ،وَأنْ يَكُونُوا مُخْتَارِينَ فِي بَحْثِهِمْ فِي الأَمْرِ،وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ غَيْرَ مُكْرَهِينَ عَلَيهِ بِقُوَّةِ أَحَدٍ أَوْ نُفُوذِهِ .
وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ المُسْلِمُونَ فَمِنَ الوَاجِبِ رَدُّهُ إلى كِتَابِ اللهِ،وَسُنَّةِ رَسُولِهِ،وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ،وَيَحْتَكِمْ إلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَيْسَ مُؤْمِناً بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ .
وَمَنْ يَحْتَكِم إلى شَرْعِ اللهِ،وَسُنَّةِ رَسُولِهِ،فَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ وَأَحْسَنُ عَاقِبَةً وَمَآلاً ( تَأْوِيلاً ) ،لأنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُشَرِّعْ لِلنَّاسِ إلاَّ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُمْ وَمَنْفَعَتُهُمْ،وَالاحْتِكَامِ إلى الشَّرْعِ يَمْنَعُ الاخْتِلافَ المُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ وَالضَّلاَلِ . [1]
قال تعالى: { لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162) [النساء/162] }
لكنِ المتمكنون في العلم بأحكام الله من اليهود، والمؤمنون بالله ورسوله، يؤمنون بالذي أنزله الله إليك -أيها الرسول- وهو القرآن، وبالذي أنزل إلى الرسل من قبلك كالتوراة والإنجيل، ويؤدُّون الصلاة في أوقاتها، ويخرجون زكاة أموالهم، ويؤمنون بالله وبالبعث والجزاء، أولئك سيعطيهم الله ثوابًا عظيمًا، وهو الجنة. [2]
وذكر العلم الراسخ بوصفه طريقا إلى المعرفة الصحيحة كالإيمان الذي يفتح القلب للنور،لفتة من اللفتات القرآنية التي تصور واقع الحال التي كانت يومذاك كما تصور واقع النفس البشرية في كل حين.فالعلم السطحي كالكفر الجاحد،هما اللذان يحولان بين القلب وبين المعرفة الصحيحة ..ونحن نشهد هذا في كل زمان.فالذين يتعمقون في العلم،ويأخذون منه بنصيب حقيقي،يجدون أنفسهم أمام دلائل الإيمان الكونية أو على الأقل أمام علامات استفهام كونية كثيرة،لا يجيب عليها إلا الاعتقاد بأن لهذا الكون إلها
(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 552)
(2) - التفسير الميسر - (2 / 160)