فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 188

قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل

مَنْ عَمِلَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،وَقَامَ بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ،وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللهِ،مُصَدِّقٌ كُتُبَهُ وَرُسُلَهُ،فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَعِدُهُ بِأَنْ يُحْيِيَهُ حَيَاةً طَيِّبَةً،تَصْحَبُهَا القَنَاعَةُ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ،وَالرِّضَا بِمَا قَدَّرَهُ اللهُ وَقَضَاهُ،إِذْ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقٍ إِنَّمَا حَصَلَ لَهُ بِتَدْبِيرِ اللهِ تَعَالَى وَقِسْمَتِهِ،وَاللهُ مُحْسِنٌ كَرِيمٌ،لاَ يَفْعَلُ إِلاَّ مَا فِيهِ المَصْلَحَةُ،وَفِي الآخِرَةِ يَجْزِيهِ اللهُ الجَزَءَ الأَوْفَى،وَيُثِيبَهُ أَحْسَنَ الثَّوَابِ،جَزَاءَ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ،وَمَا تَحَلَّى بِهِ مِنْ إِيمَاٍن [1] .

إن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض.لا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال.

فقد تكون به،وقد لا يكون معها.وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية:

فيها الاتصال باللّه والثقة به والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه.وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة،وسكن البيوت ومودات القلوب.وفيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة ..وليس المال إلا عنصرا واحدا يكفي منه القليل،حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند اللّه.وأن الحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص من الأجر الحسن في الآخرة.وأن هذا الأجر يكون على أحسن ما عمل المؤمنون العاملون في الدنيا،ويتضمن هذا تجاوز اللّه لهم عن السيئات.فما أكرمه من جزاء!. [2]

والحياة الطيّبة تشمل:الرِّزق الحلال الطيِّب،والقناعة،والسعادة،ولذَّة العبادة في الدنيا،والعمل بالطاعة والانشراح بها.

قال الإمام ابن كثير:"والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله" [3]

(1) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1998)

(2) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (4 / 2193)

(3) - تفسير ابن كثير - دار طيبة - (4 / 601)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام