يرسموا لأنفسهم الطريق المؤدي إلى فردوس الدنيا - كما يتصور بعض السطحيين في هذا الزمان!
-فالعمل والإنتاج والتنمية والتحسين في واقع الحياة الدنيا تمثل في التصور الإسلامي - والمنهج الإسلامي - فريضة الخلافة في الأرض.والإيمان والعبادة والصلاح والتقوى،تمثل الارتباطات والضوابط والدوافع والحوافز لتحقيق المنهج في حياة الناس ..وهذه وتلك معا هي مؤهلات الفردوس الأرضي والفردوس الأخروي معا والطريق هو الطريق،ولا فصام بين الدين والحياة الواقعية المادية كما هو واقع في الأوضاع الجاهلية القائمة في الأرض كلها اليوم.والتي منها يقوم في أوهام الواهمين أنه لا مفر من أن يختار الناس الدنيا أو يختاروا الآخرة،ولا يجمعوا بينهما في تصور أو في واقع ..لأنهما لا تجتمعان ..!
إن هذا الفصام النكد بين طريق الدنيا وطريق الآخرة في حياة الناس،وبين العمل للدنيا والعمل للآخرة،وبين العبادة الروحية والإبداع المادي،وبين النجاح في الحياة الدنيا،والنجاح في الحياة الأخرى ..إن هذا الفصام النكد ليس ضريبة مفروضة على البشرية بحكم من أحكام القدر الحتمية! إنما هو ضريبة بائسة فرضتها البشرية على نفسها وهي تشرد عن منهج اللّه،وتتخذ لنفسها مناهج أخرى من عند أنفسها،معادية لمنهج اللّه في الأساس والاتجاه ..
وهي ضريبة يؤديها الناس من دمائهم وأعصابهم في الحياة الدنيا،فوق ما يؤدونه منها في الآخرة وهو أشد وأنكى ..
إنهم يؤدونها قلقا وحيرة وشقاء قلب وبلبلة خاطر،من جراء خواء قلوبهم من طمأنينة الإيمان وبشاشته وزاده وريه،إذا هم آثروا اطراح الدين كله،على زعم أن هذا هو الطريق الوحيد للعمل والإنتاج والعلم والتجربة،والنجاح الفردي والجماعي في المعترك العالمي! ذلك أنهم في هذه الحالة يصارعون فطرتهم،يصارعون الجوعة الفطرية إلى عقيدة تملأ القلب،ولا تطيق الفراغ والخواء.وهي جوعة لا تملؤها مذاهب اجتماعية،أو فلسفية،أو فنية ..على الإطلاق ..لأنها جوعة النزعة إلى إله ..