فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 188

شرع - والمنهج يسجل للفرد عمله - في هذه الحدود ووفق هذه الاعتبارات - عبادة للّه يجزيه عليها بالبركة في الدنيا وبالجنة في الآخرة ..

ويربط المنهج بين الفرد وربه رباطا أقوى بالشعائر التعبدية التي يفرضها عليه ليستوثق بهذا الرباط من تجدد صلته باللّه في اليوم الواحد خمس مرات بالصلاة،وفي العام الواحد ثلاثين يوما بصوم رمضان،وفي العمر كله بحج بيت اللّه.وفي كل موسم أو في كل عام بإخراج الزكاة ..

ومن هنا قيمة هذه الفرائض التعبدية في المنهج الإسلامي.إنها تجديد للعهد مع اللّه على الارتباط بمنهجه الكلي للحياة.وهي قربى للّه يتجدد معها العزم على النهوض بتكاليف هذا المنهج،الذي ينظم أمر الحياة كلها،ويتولى شئون العمل والإنتاج والتوزيع والحكم بين الناس في علاقاتهم وفي خلافاتهم.ويتجدد معها الشعور بعون اللّه ومدده على حمل التكاليف التي يتطلبها النهوض بهذا المنهج الكلي المتكامل،والتغلب على شهوات الناس وعنادهم وانحرافهم وأهوائهم حين تقف في الطريق ..وليست هذه الشعائر التعبدية أمورا منفصلة عن شئون العمل والإنتاج والتوزيع والحكم والقضاء،والجهاد لإقرار منهج اللّه في الأرض،وتقرير سلطانه في حياة الناس ..إنما الإيمان والتقوى والشعائر التعبدية شطر المنهج،المعين على أداء شطره الآخر ..وهكذا يكون الإيمان والتقوى وإقامة منهج اللّه في الحياة العملية سبيلا للوفرة والفيض.كما يعد اللّه الناس في هاتين الآيتين الكريمتين

إن التصور الإسلامي،وكذلك المنهج الإسلامي المنبثق منه،لا يقدم الحياة الآخرة بديلا من الحياة الدنيا - ولا العكس - إنما يقدمهما معا في طريق واحد،وبجهد واحد.ولكنهما لا يجتمعان كذلك في حياة الإنسان إلا إذا اتبع منهج اللّه وحده في الحياة - دون أن يدخل عليه تعديلات مأخوذة من أوضاع أخرى لم تنبثق من منهج اللّه،أو مأخوذة من تصوراته الذاتية التي لم تضبط بهذا المنهج - ففي هذا المنهج وحده يتم ذلك التناسق الكامل.

والتصور الإسلامي - وكذلك المنهج الإسلامي المنبثق منه - لا يقدم الإيمان والعبادة والصلاح والتقوى،بديلا من العمل والإنتاج والتنمية والتحسين في واقع الحياة المادية ..وليس هو المنهج الذي يعد الناس فردوس الآخرة ويرسم لهم طريقه بينما يدع للناس أن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام