ونماء،وعدل في التوزيع يفيض به الرزق على الجميع من فوقهم ومن تحت أرجلهم،كما يقول اللّه في كتابه الكريم.
إن التصور الإسلامي يجعل وظيفة الإنسان في الأرض هي الخلافة عن اللّه،بإذن اللّه،وفق شرط اللّه ..
ومن ثم يجعل العمل المنتج المثمر،وتوفير الرخاء باستخدام كل مقدرات الأرض وخاماتها ومواردها - بل الخامات والموارد الكونية كذلك - هو الوفاء بوظيفة الخلافة.ويعتبر قيام الإنسان بهذه الوظيفة - وفق منهج اللّه وشريعته حسب شرط الاستخلاف - طاعة للّه ينال عليها العبد ثواب الآخرة بينما هو بقيامه بهذه الوظيفة على هذا النحو يظفر بخيرات الأرض التي سخرها اللّه له ويفيض عليه الرزق من فوقه ومن تحت رجليه،كما يصور التعبير القرآني الجميل! ووفق التصور الإسلامي يعتبر الإنسان الذي لا يفجر ينابيع الأرض،ولا يستغل طاقات الكون المسخرة له،عاصيا للّه،ناكلا عن القيام بالوظيفة التي خلقه اللّه لها،وهو يقول للملائكة: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» .وهو يقول كذلك للناس: «وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ» ،ومعطلا لرزق اللّه الموهوب للعباد ..وهكذا يخسر الآخرة لأنه خسر الدنيا! والمنهج الإسلامي - بهذا - يجمع بين العمل للدنيا والعمل للآخرة في توافق وتناسق.فلا يفوّت على الإنسان دنياه لينال آخرته،ولا يفوت عليه آخرته لينال دنياه.فهما ليسا نقيضين ولا بديلين في التصور الإسلامي.
هذا بالقياس إلى جنس الإنسان عامة،وبالقياس إلى الجماعات الإنسانية التي تقوم في الأرض على منهج اللّه ..فأما بالقياس إلى الأفراد فإن الأمر لا يختلف ..إذ أن طريق الفرد وطريق الجماعة - في المنهج الإسلامي - لا يختلفان ولا يتصادمان ولا يتعارضان ..فالمنهج يحتم على الفرد أن يبذل أقصى طاقته الجسمية والعقلية في العمل والإنتاج وأن يبتغي في العمل والإنتاج وجه اللّه،فلا يظلم ولا يغدر ولا يغش ولا يخون،ولا يأكل من سحت،ولا يحتجز دون أخيه المحتاج في الجماعة شيئا يملكه - مع الاعتراف الكامل له بملكيته الفردية لثمرة عمله والاعتراف للجماعة بحقها في ماله في حدود ما فرض اللّه وما