فَإِذَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلاً لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلاً لأَبَوَيْهِ، فَحَقَّ إِذًا أَنَّهُ فِعْلُ فَاعِلٍ غَيْرِهِ وَغَيْرِ أَبَوَيْهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ اللهُ بِذَلِكَ الْفَاعِلِ, أَفَلاَ تُبْصرُونَ, أَلاَ تُدْرِكُونَ بِعُقُولِكُمْ مَا فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ فَتَهْتَدُوا، وَلاَ تَكْفُرُوا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الطَّبْعُ, قِيلَ لَهُ: وَمَا الطَّبْعُ؟ فَإِنَّ هَذَا الِاسْمَ نَفْسَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَمَّى بِهِ فَاعِلاً, لأَنِّ الطَّبْعَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِعْلَ الطَّابَعِ كَمَا لاَ يَكُونُ الضَّرْبُ إِلاَّ فِعْلَ الضَّارِبِ، فَإِنَّ الطَّبِيعَةَ هِيَ الْمَطْبُوعَةُ, كَمَا أَنَّ الْقَتِيلَةَ هِيَ الْمَقْتُولَةُ, وَالذَّبِيحَةَ هِيَ الْمَذْبُوحَةُ، وَالصنِيعَةَ هِيَ الْمَصنُوعَةَ, وَالْمَفْعُولَ فِي اقْتِضَاءِ الْفِعْلِ كَالْفَاعِلِ.