وَقِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ, لَمْ تَكُونُوا, ثُمَّ كُنْتُمْ، فَلاَ يَخْلُو أَحَدُكُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ نَفْسَهُ, أَوْ أَبَوَاهُ خَلَقَاهُ, أَوْ غَيْرُهُ وَغَيْرُهُمَا، فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَلَقَ نَفْسَهُ, لأَنَّهُ لَوْ شَاءَ بعدمَا تَمَّتْ قُوَاهُ، وَكَمُلَ عَقْلُهُ أَنْ يَتِمَّ مِنْ نَفْسِهِ عُضْوًا نَاقِصًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ نُطْفَةً مَوَاتًا مِنْ أَنْ يُقَلِّبَ نَفْسَهُ حَالاً فَحَالاً, أَبَعْدَ وَعَنْهُ أَعْجَزَ، ثُمَّ يَعْلَمَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا غَيْرَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ أَوْ مَوَاتٌ, لاَ يَقْدِرُ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى شَيْءٍ, فَهُوَ إِذَا كَانَ عَدَمًا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَبَعْدَ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ فَعَلاَهُ؛ لأَنَّ الأَبَوَيْنِ فِي الْعَجْزِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِثْلَهُ.