قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمِنْ أَعْظَمِ فَوَائِدِ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى جَدُّهُ الِاسْتِدْلاَلُ بِهَا عَلَى الْمُنْعِمِ، فَإِنَّ فِيهَا الدَّلِيلَ عَلَيْهِ, وَعَلَى قُدْرتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ, وَقَدْ نَبَّهَ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَإِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ جَعَلَ لَنَا السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ, بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَنَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِنَا، لاَ نَعْلَمُ شَيْئًا، فَذَكَرَ بَعْضَ الآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصرُونَ} فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي أَنْفُسِكُمْ دَلاَلاَتُ الْحَدَثِ, وَهِيَ الأَحْوَالُ الْمُتَقَلِّبَةُ بِهِمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَنْفَكُّوا عَنْهَا, فَإِنَّ تِلْكَ الأَحْوَالِ إِذَا كَانَتْ أَحْدَاثًا، وَلَمْ يَكُونُوا خَلَوْا مِنْهَا قَطُّ, فَوَاجِبٌ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ أَحْدَاثٌ، وَالْحَدَثُ لاَ يَخْلُو مِنْ مُحَدِثٍ.