لقد أنزل الله آيات وأحكام، وشرع شرائع في دين الإسلام، بسبب بركة زوجة نبينا عليه السلام ..
ومن تلك الشرائع حد القاذف، الذي يرمي المؤمنات العفائف، وقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تشريع ذلك من خصائصها، إذ لم يشرع إلا بسبب ما حصل في قصتها، فقال:"شُرعَ جلدُ القاذف، وصار بابُ القذف وحدُّه باباً عظيماً من أبواب الشريعة، وكان سببه قصتها رضي الله عنها، فإنه ما نزل بها أمر تكرهه إلا جعل الله فيه للمؤمنين فرجاً ومخرجاً ..".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص51 - 52] .
أخرج أهل السنن [1] عن عائشة رضي الله عنها قالت:"لما نزل عذري، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فذكر ذلك، وتلا القرآن، فلما نَزل، أمر برجُلين وامرأة، فضُربوا حدهم".
وروى ابن إسحاق وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الإفك رجلين وامرأة: مسطحاً وحسان وحمنة.
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله:"أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالذين رَموا عائشة بالإفكِ، حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا الحدَّ ثمانين، فيما ذكر جماعة من أهل السير والعلم بالخبر".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/ 1884] .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:"وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحد القذف، لما أنزل الله سبحانه براءة زوجته من السماء، فجلد رجلين وامرأة. وهما: حسان بن ثابت، ومسطح بن أُثاثة. قال أبو جعفر النُّفيلي: ويقولون: المرأة حمنة بنت جحش".اهـ [زاد المعاد 5/ 37] .
قال العظيم آبادي رحمه الله:" (لما نزل عذري) : أي الآيات الدالة على براءتها، شبهتها بالعذر الذي يبرئ المعذور من الجرم، ذكره القاضي وغيره".اهـ [عون المعبود، شرح سنن أبي داود 12/ 100] .
(1) الترمذي، أبو داود، النسائي، وابن ماجة.