فهرس الكتاب
الصفحة 18 من 112

نجاسةٍ في النعل؟! فأرسل إليه جبريل خصيصاً ليخلع نعله في أثناء صلاته، [1] فكيف لا يرسله ليفارق زوجه طيلة حياته؟!

ولم يكتف هؤلاء، بهذا الهراء، بل زادوا الطين بِلة، وازدادوا نقضاً للملة، فرموا عائشة؛ بجريمة الفاحشة!

وليت شعري: إن كان أحدنا لا يصدق ذلك في أهله في ظل غياب الحكم بشريعة الرحمن، فكيف يصدقه في أفضل زوجة، [2] لأفضل نبي، [3] في أفضل الأزمان؟! [4]

(1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم، ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟) قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا) أو قال: (أذى) . [أخرجه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وصححه الألباني، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال مسلم غير يزيد بن هارون فمن رجال الشيخين] .

(2) اجمع أهل العلم على أن عائشة أفضل زوجةٍ مات عنها النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله:"أنها أفضل امرأة مات عنها صلى الله عليه وسلم بلا خلاف".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص69] .

ولكن اختلفوا في التفضيل بين عائشة وخديجة، فالبعض فضل خديجة، والبعض فضل عائشة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وأفضل نساء الأمة: خديجة، وعائشة، وفاطمة. وفي تفضيل بعضهن على بعض نزاع".اهـ [مجموع الفتاوى 4/ 394] .

والبعض توقف في ذلك، قال العماد ابن كثير رحمه الله:"والحق أن كلاً منهما لها من الفضائل ما لو نظر الناظر فيه لبهره وحيره، والأحسن التوقف في ذلك، ورد علم ذلك إلى الله عز وجل، ومن ظهر له دليل يقطع به، أو يغلب على ظنه في هذا الباب فذاك الذي يجب عليه أن يقول بما عنده من العلم، ومن حصل له توقف في هذه المسألة أو في غيرها فالطريق الأقوم، والمسلك الأسلم، أن يقول: الله أعلم".اهـ [البداية والنهاية 3/ 139] . وقال أيضاً:"وهي أشرف أمهات المؤمنين، حتى خديجة بنت خوليد أم البنات والبنين، في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين، والأحسن الوقف فيهما رضي الله عنهما".اهـ [البداية والنهاية 1/ 599] . وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله بعد أن ساق بعض فضائل عائشة:".. وإن كان للصديقة خديجة شأوٌ لا يُلحق، وأنا واقفٌ في أيَّتِهما أفضل".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/ 140] .

والبعض فصّل في التفضيل، فقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين، أيتهما أفضل؟ فأجاب رحمه الله:"بأن سبق خديجة، وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرها، وقيامها في الدين، لم تشركها فيه عائشة، ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجة، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها".اهـ [مجموع الفتاوى 4/ 393] .

(3) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع) [أخرجه مسلم] .

(4) عن عبد الله رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) [متفق عليه] . قال الإمام أبو زكريا الصرصري رحمه الله في منظومته:

وأمته خير القرون وخيرهم *** صحابته أزكى الأنام وأورع

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام