الصفحة 30 من 33

قالوا: يا رسول الله! كيف وإنا نأتي الله جل وعلا حفاة عراة؟ قال: بالحسنات والسيئات)؛ لأن الوفاء قد انقضى، ومحله أنه يجب على الإنسان أن يعلم الحدود التي له وعليه، فيؤديها لأصحابها وإن لم يؤدها لأصحابها فإنه لا بد من القصاص يوم القيامة؛ لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها من قبل أن يأتي يوم لا دينار فيه ولا درهم) ، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً كما في الصحيح قال: (يخرج المؤمنون من النار فيوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصون حقوقاً كانت بينهم) ، أي: أن الحقوق لا بد فيها من الوفاء في أمر الدنيا، وإن لم يكن ثمة وفاء فالموازنة بالحسنات والسيئات، ترفع بها الحسنات وتزيد بها السيئات، يرفع بها الإنسان درجة، ويهبط بها مراتب، بل ربما كانت دركات. وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم، فكانت دعوة المظلوم -ولو كان كافراً مقبولة- وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث أنس بن مالك قال عليه الصلاة والسلام: (اتق دعوة المظلوم، ولو كان كافراً؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب) .إن دعوة المظلوم لقوة المظالم لتعلقها بالعدل بين الناس، ولو كان كافراً وجب العدل في ذلك، وإذا تعدى الإنسان في ذلك اختل ميزان الحياة، وإذا اختل ميزان الحياة فحصل الإشراك، فإن الله سبحانه وتعالى قضى ألا يجعل هذا النوع من الذنوب تحت مشيئته بالمغفرة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام