الصفحة 16 من 33

العلة والحكمة في إمهال الله جل وعلا للظالم: أن الله سبحانه وتعالى يمهل الظالم حتى يرتقي في ظلمه، وذلك أن الله سبحانه وتعالى حينما حرم الظلم على العباد جعل ذلك الظلم محرماً على العباد حتى تستقيم بهم الحياة، وهذا هو المقصد، فحرم الظلم في الأموال، وحرم الظلم في الأنفس، وحرم الظلم في الأعراض، وغير ذلك من أنواع الظلم من دقائق هذه الفروع، ومرد ذلك إلى مصلحة الناس في ذاتهم، فإذا عاقب الله جل وعلا الظالم لأول مظلمة تبدر منه يبتدئ بها فإن الإنسان لا يتعدى الاعتبار والتأديب به إلى غيره، كذلك فإن الإنسان إذا أنزل الله جل وعلا به العقوبة في أول مظلمة، فإن العقوبة ينبغي أن تناسب تلك المظلمة التي وقع الإنسان بها؛ فإن الإنسان يقع في مظلمة يسيرة في دينار ودرهم، أو سب أو لطم ونحو ذلك، وتكون تلك العقوبة مناسبة لتلك المظلمة، فلا يدري الإنسان هل هي من نوع التمحيص، أو من نوع المصائب، أو من نوع العقوبة، والإنسان يتبرأ من إنزال العقوبة؛ لأنه يتبرأ من الخطأ كثيراً ويلحق الخطأ بغيره، فلا يظهر أمر الاعتبار بإنزال العقوبة بالمظالم اليسيرة، وإنما يملي الله جل وعلا للظالم، حتى إذا علا وارتفع في الأرض فرآه الشرقي والغربي، فرآه الناس كافة أمر الله جل وعلا به أن ينزل إلى الأرض حتى يراه الناس كافة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام