فهرس الكتاب
الصفحة 4 من 43

من صفات الوحدانية

قوله:"قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء".

يعني: ليس لقدمه بداية ولا لدوامه نهاية، كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه لما سئل عن الله عز وجل فقال: كان هو ويكون على ما كان.

وقوله:"لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد".

لأن الباري جل وعلا واجب الوجود والبقاء، يستحيل عليه العدم والفناء، والبقاء صفة أزلية لله تعالى، لم يزل باقياً ولا يزال كذلك.

وقوله:"ولا يكون إلا ما يريد".

مسألة: قال أهل الحق: الإرادة صفة أزلية لله تعالى، وقالت المعتزلة: إنها حادثة لا في محل، وقالت الكرامية: إنها حادثة في ذات الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

والحجة لأهل الحق قوله تعالى:"فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ" (الأنعام: 125) .

ومن المعقول أن الإرادة معنى توجب اختصاص المفعولات بوجه دون وجه، لولا ذلك لوقعت كلها على هيئة واحدة في وقت واحد في مكان واحد على صفة واحدة، فلما وقعت على الترادف والتوالي، وعلى النظام والاتساق على حسب ما اقتضته الحكمة الإلهية، دلّ ذلك على اتصاف الفاعل بالإرادة، ولولا ذلك لما كان وقت أولى من وقت، ولا هيئة أولى من هيئة، ولا صفة أولى من صفة، ولأنه تعالى لو لم يكن مريداً لكان مكرهاً أو مضطراً أو ساهياً أو مغلوباً وكل ذلك مستحيل على الله تعالى.

ولا وجه لقول أهل الضلالة: إنها حادثة لأنها لو كانت حادثة كما زعموا، لكان لا يخلو إما أن حدثت في ذات الله تعالى كما قالت الكرامية فيكون محلّا للحوادث، ويستحيل ذات القديم أن يكون محلّا للحوادث، وإما أن حدثت لا في محل كما قالت المعتزلة فلا وجه له؛ لأن الإرادة صفة ويستحيل قيامها بنفسها لا في محل يحققه، وأنها إذا قامت لا في محل لم يكن ذات أولى بالاتصاف بها من غيرها، فلم يكن ذات الباري جل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام