سلسلة منهاج المسلم - (43)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب (منهاج المسلم)، وها نحن مع الآداب الواجبة للمسلم لأخيه لمسلم، ودرسنا منها ستة عشر واجباً، أذكركم بها أولاً.

أولاً: أن يسلم عليه إذا لقيه، من حق المسلم على المسلم: أن يسلم عليه إذا لقيه.

ثانياً: أن يشمته إذا عطس، بأن يقول له: ( يرحمك الله).

ثالثاً: أن يعوده إذا مرض، ويزوره في مرضه.

رابعاً: أن يشهد جنازته إذا مات.

خامساً: أن يبر قسمه إذا أقسم عليه، ولا يحنثه.

سادساً: أن ينصح له إذا استنصحه، فإذا طلب منه أن ينصح له يجب أن ينصح له.

سابعاً: أن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه.

ثامناً: أن ينصره ولا يخذله بحال من الأحوال.

تاسعاً: أن لا يمسه بسوء أو يناله بمكروه.

عاشراً: أن يتواضع له ولا يتكبر عليه.

الحادي عشر: أن لا يهجره أكثر من ثلاثة أيام.

الثاني عشر: أن لا يغتابه أو يحتقره أو يسخر منه.

الثالث عشر: أن لا يسبه بغير حق حياً كان أو ميتاً.

الرابع عشر: أن لا يحسده أو يظن به سوءاً.

هذه درسناها وعرفنا أدلتها من الكتاب والسنة، والآن مع الحقوق الباقية:

الخامس عشر: أن لا يغشه ولا يخدعه

قال المؤلف: [ الخامس عشر ] من حقوق المسلم على أخيه [ أن لا يغشه أو يخدعه ] فمن حق المسلم على أخيه المسلم ذكراً كان أو أنثى أن لا يغشه ولا يخدعه؛ وذلك [ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58]. وقوله: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:112]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا ) ] أي: ما هو بالمسلم ولا نحن منه [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من بايعت فقل: لا خِلابة ) ] إذا بايعت شخصاً فاشتريت منه أو بعت له فقل: ( لا خلابة) أي: لا خديعة، أي: البضاعة سليمة أو الثمن سليم، ولا خداع [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يسترعيه الله رعية ) ] يجعله راعياً عليه أي: أميراً وحاكماً [ ( يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) ] ولو أسرته .. ولو جماعة .. ولو مصنع .. ولو أي شيء أو حاكماً في مدينة أو في إقليم، ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ). فلا يدخلها [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا ) ] ( من خبب زوجة امرئ) أي: علمها أن تغش وتخدع زوجها، أو مملوك له أي: خادماً عنده يملي عليه الفساد والغش والخداع ليغش سيده، قال: ( فليس منا) أيضاً.

السادس عشر: أن لا يغدره أو يخونه أو يكذبه أو يماطله في قضاء دينه

[ السادس عشر: أن لا يغدره أو يخونه أو يكذبه أو يماطله في قضاء دينه؛ وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وقوله: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177]، وقوله: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً ) ] وتأملوا حتى تحمدوا الله إن كنتم طهرتم من هذه الأربع، فهذه أربع صفات وخصال من كن فيه كان منافقاً خالصاً [ ( ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق ) ] خصلتان أو ثلاثة وهكذا، [ (حتى يدعها ) ] أي: يتركها، وهذه الخصال: [ ( إذا اؤتمن خان ) ] فإذا ائتمنك أخوك ولو في كلمة -لا في دينار أودرهم أو ثمار أو ولد أو شيء آخر، فإذا ائتمنك على شيء- فلا تخنه، هذه الخصلة الأولى: ( إذا اؤتمن خان ).

ثانياً: [ ( وإذا حدث كذب ) ] فلا تحدث أخاك أو إخوانك وأنت تكذب عليهم - والعياذ بالله- فلا يفعل هذا إلا منافق.

ثالثاً: [ ( وإذا عاهد غدر ) ] مثل أن يعاهد على كذا، أو يعاهدهم على أن يأتي أو يفعل ثم يغدر بهم ولا يأتي ولا يفعل.

رابعاً: [ ( وإذا خاصم فجر ) ] وخرج عن العدل والحق والمعروف وقال الباطل والشر والكذب. هذه أربع خصال، ( أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منها كانت فيه خصلة من النفاق حتى يتركها ).

[ وقوله ] صلى الله عليه وسلم [ قال الله تعالى: ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ) ] فالقائل الله كما يخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( ثلاثة) أي: أصناف من الرجال أو النساء [ ( رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ) ] أي: عمله [ ( ولم يعطه أجرته ) ] فهؤلاء الثلاثة الله خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بالله ثم غدر، فقوله: ( أعطى بي) أي: بسم الله وبوجه الله وغدر. ( ورجلاً باع حراً من الناس فأكل ثمنه )، وهو حر، باعه كعبد ليأكل الثمن ( ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه -أي: العمل- ولم يعطه الأجر ) [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ) ] فإذا كان لك دين على أحد وكان غنياً وطالبته فلم يعطك فهو والله لظالم [ ( وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ) ]. متفق عليه. فإذا أحالك صاحب الدين إلى شخص آخر وهو قادر على أن يعطيك فيجب أن تقبل الإحالة، هذه تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيجاد أمة أكمل الأمم في العالم وأسعدها.

السابع عشر: أن يخالقه بخلق حسن

[ السابع عشر ] من الحقوق [ أن يخالقه بخلق حسن ] أن يخالق أخاه المسلم بخلق حسن [ فيبذل له المعروف، ويكف عنه الأذى، ويلاقيه بوجه طلق، يقبل منه إحسانه، ويعفو عن إساءته، ولا يكلفه ما ليس عنده ] ونحن لم نفعل هذا مع نسائنا، فكيف نفعله مع غير النساء؟ فالنساء يشتكين من هذا، فلا إله إلا لله، وقد أتانا هذا البلاء من الجهل، فنحن ما عرفنا الله ولا أحببناه، وما عرفنا الطريق الموصل إلى الله، فلا عجب أن نكون هكذا [ فلا يطلب العلم من جاهل ] إذ كلفه ما لا يقدر عليه [ ولا البيان من عيي ] غير فصيح [ لقوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة، وخالق الناس بخلق حسن ) ] فلا ترى مؤمناً يسب مؤمناً ولا يضحك منه ولا يسخر به ولا يستهزئ به ولا يخلفه وعده، ولا يحسده، ولا يبغضه ولا يكرهه أبداً؛ لأن نور الإيمان موصول صاحبه بالملكوت الأعلى.

الثامن عشر: أن يوقره إن كان كبيراً ويرحمه إن كان صغيراً

[ الثامن عشر ] من الحقوق [ أن يوقره إن كان كبيراً ] إذا كان أخوك المسلم كبيراً فيجب أن توقره [ ويرحمه إن كان صغيراً ] إذا كان أخوك صغيراً فارحمه، وإذا كان كبيراً فوقره وعظمه؛ وذلك [ لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ) ] كقولك: اخرج يا عبد الله! ما أنت معنا ولا منا، فإذا لم توقر الكبير وترحم الصغير فلست منا، ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا )، فالرسول صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون هؤلاء منه وعلى ملته؛ ولهذا تكون مجتمع والله ما اكتحلت عين الدنيا بمثله قط، بالله الذي لا إله غيره ما رأت البشرية أبداً زمناً صالحاً وأمة سليمة كأمة الإسلام في القرون الثلاثة الأولى، لا في الشرق ولا في الغرب، وخاصة القرن الأول والثاني، وفي الثالث بدأ الهبوط؛ لأنهم أخذوا بهذه التعاليم.

والتوقير: هو التبجيل والتعظيم [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم [ ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ) ] ذو الشيبة المسلم إكرامك له من إجلال الله تعالى، فإذا أجللت ربك وعظمته وأكبرت شأنه فأكبر وقدر عبده الشايب فيه؛ لأن هذا العبد شاب في خدمة ربك، فكيف لا توقره.

وهناك جماعة يسخرون من ذي الشيبة ويستهزئون به؛ لأنهم هابطون ليسو من هذه الأمة على الحقيقة، فمن إجلال الله وإعظامه: إكبار ذي الشيبة المسلم بحق، أما ذو شيبة فاسق فاجر فلا قيمة له، فمن إجلال الله إكبار وتوقير ذي الشيبة المسلم. [وقوله] صلى الله عليه وسلم: [ ( كبر كبر ) ] ابدأ بالأكبر فالأكبر في العطايا وفي الأخذ وفي كل شيء، أي: ابدأ بأكبر إخوانك، ابدأ بالكبير.

قال: [ ولما عرف عنه صلى الله عليه وسلم من أنه كان يؤتى بالصبي ] الصغير [ ليدعو له بالبركة ويسميه، فيضعه في حجره صلى الله عليه وسلم، فربما بال الصبي في حجره عليه الصلاة والسلام ] هذا هو التواضع، وهذا هو الإجلال والإكبار [ وروي أنه كان إذا قدم من سفر ] من حج أو عمرة أو جهاد [ تلقاه الصبيان ] عند أبواب المدينة [ فيقف عليهم، ثم يأمر بهم، فيرفعون إليه، فيجعل منهم بين يديه ] وهو راكب [ ومن خلفه ] من ورائه، وهو راكب [ ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم رحمة منه عليه الصلاة والسلام بالصبيان ]. هكذا تتجلى الرحمة المحمدية، أطفال المدينة يخرجون لاستقباله فيحملهم.

التاسع عشر: أن ينصفه من نفسه ويعامله بما يحب أن يعامل به

[ التاسع عشر: أن ينصفه من نفسه، ويعامله بما يحب أن يعامَل به ] وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال ) ] لا يستكمل الإنسان ذكراً أو أنثى الإيمان ويصبح المؤمن بحق حتى يكون فيه ثلاث خصال - وإن شاء الله هي فينا موجودة -وهي أولاً: [ ( الإنفاق من الإقتار ) ] الإنفاق من الفقر، فمع الضيق والإقتار ينفق، ثانياً: [ ( الإنصاف من نفسه ) ] فينصف أي إنسان من نفسه ويعطيه الحق سواء كان زوجة أو ولداً، أو غريباً أو بعيداً، أو كافراً أو مسلماً [ ( وبذل السلام ) ] للمسلمين عامة، بأن يقول: السلام عليكم ورحمة الله [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته ) ] أي: الموت [ ( وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ) ] فإذا أردت أن تسمو فأحبب للناس ما تحب لنفسك، فالذي تحب أن يعطوك إياه فأحببه لهم؛ حتى تبلغ هذا الكمال، فمن سره وأفرحه وأثلج صدره أن يزحزح عن النار يوم القيامة ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو ثابت على إسلامه وإيمانه، فيموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، (وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)، فإذا أحببت من الناس أن لا يؤذوك فلا تؤذهم، وإذا أحببت أن يحسنوا إليك فأحسن إليهم.

العشرون: أن يعفو عن زلته ويستر عورته ولا يستمع إلى حديث يخفيه

[ العشرون: أن يعفو عن زلته ] أن يعفو المسلم عن زلة أخيه المسلم [ ويستر عورته، وأن لا يتسمع إلى حديث يخفيه عنه ] إذا كان أخوك يسر بحديث مع آخر فلا تأتي وتتحسس عنه وتتسمع، لا في البيت ولا في الدكان ولا في المسجد، فإذا كان اثنان يناجي أحدهما الآخر سراً فلا يجوز أن تتحسس عنه [ لقوله تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:13]. وقوله جلت قدرته: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178]. وقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، وقوله جل ذكره: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور:22] ] إذاً: فاعفوا واصفحوا [ وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19] ] لمجرد حب ورغبة أن يصبح فلاناً مفضوحاً بين الناس؛ ليتحدث الناس بذلك [ ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) ] فما زاد الله عبداً من عبيده بعفو إلا عزاً، فمن عفا أعزه الله عز وجل [ وقوله: ( وأن تعفو عمن ظلمك ) . وقوله: [ ( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ). وقوله: ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو كان في جوف بيته ) ] وهذا مشاهد [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك ) ] أي: الرصاص [ ( يوم القيامة ) ] فمن استمع لخبر قوم وهم لا يريدون أن يسمع وهم له كارهون صب في أذنيه يوم القيامة الرصاص.

الواحد والعشرون: أن يساعده إذا احتاج إلى مساعدته, وأن يشفع له في قضاء حاجته

[ الواحد والعشرون ] من الآداب الواجبة للمسلم لأخيه المسلم [ أن يساعده إذا احتاج مساعدته، وأن يشفع له في قضاء حاجته إن كان يقدر على ذلك؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]. وقوله سبحانه: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا [النساء:85]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ). وقوله عليه الصلاة والسلام: ( اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء ) ].

الثاني والعشرون: أن يعيذه إذا استعاذ بالله, وأن يعطيه إذا سأله بالله وأن يكافئه على معروفه

الأدب [ الثاني والعشرون ] والأخير [ أن يعيده إذا استعاذ بالله، وأن يعطيه إذا سأله بالله، وأن يكافئه على معروفه أو يدعو له ] بخير [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه ) ] أي: من قال: أستعيذ بالله أن تفعل بي كذا وكذا [ ( ومن سألكم بالله ) ] إذا قال: أسألك بالله [ ( فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه ) ] بالمثل أو أكثر [ ( فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه )].

معاشر المستمعين! لا أرى حاجة إلى شرح في هذه الأحاديث؛ لوضوحها وكمالها، فلنذكر هذا إن شاء الله طول حياتنا، والآن مع الأسئلة والإجابة عليها.

قال المؤلف: [ الخامس عشر ] من حقوق المسلم على أخيه [ أن لا يغشه أو يخدعه ] فمن حق المسلم على أخيه المسلم ذكراً كان أو أنثى أن لا يغشه ولا يخدعه؛ وذلك [ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58]. وقوله: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:112]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا ) ] أي: ما هو بالمسلم ولا نحن منه [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من بايعت فقل: لا خِلابة ) ] إذا بايعت شخصاً فاشتريت منه أو بعت له فقل: ( لا خلابة) أي: لا خديعة، أي: البضاعة سليمة أو الثمن سليم، ولا خداع [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يسترعيه الله رعية ) ] يجعله راعياً عليه أي: أميراً وحاكماً [ ( يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) ] ولو أسرته .. ولو جماعة .. ولو مصنع .. ولو أي شيء أو حاكماً في مدينة أو في إقليم، ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ). فلا يدخلها [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا ) ] ( من خبب زوجة امرئ) أي: علمها أن تغش وتخدع زوجها، أو مملوك له أي: خادماً عنده يملي عليه الفساد والغش والخداع ليغش سيده، قال: ( فليس منا) أيضاً.