سلسلة منهاج المسلم - (144)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.

هذا الكتاب جمع المسلمين على منهج الحق، فلا مذهبية ولا طائفية ولا فُرقة أبداً، وكل أدلته: قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرج أبداً عن منهج أهل السنة والجماعة في شيء، فلهذا نُرَّغب في دراسة هذا الكتاب في البيوت والمساجد، وقد انتهى بنا الدرس إلى الصرف، فنحن ما زلنا مع البيوع وقد انتهينا والآن مع الصرف، فما هو الصرف؟

تعريف الصرف

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين: [الصرف:

أولاً: تعريفه: هو بيع النقدين ببعضهما بعضاً] الصرف هو بيع النقدين، أي: الذهب والفضة ببعضهما بعضاً [كبيع دنانير الذهب بدراهم فضة] هذا هو الصرف.

إذاً الصرف هو: بيع النقدين ببعضهما بعضاً، كأن تبيع ذهباً بفضة، أو فضة بذهب.

ما حكمه بعدما عرفناه؟

حكم الصرف

قال: [ثانياً: حكمه: الصرف جائز] غير ممنوع ولا محذور ولا محرم، لِـمَ؟ [إذ هو من البيع، والبيع جائز بالكتاب والسنة] الصرف من البيع، والبيع جائز بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم [قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]] هذا من كتابه عز وجل: [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيدٍ )].

وهذا هو إذن بالإباحة: بيعوا أيها المؤمنون الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد، فلابد من مجلس واحد يداً بيد. ليس أن تعطيه اليوم ويعطيك غداً.

ما الحكمة في جواز بيع الصرف؟

حكمة مشروعية الصرف

قال: [ثالثاً: حكمته: حكمة مشروعية الصرف الإرفاق بالمسلم في تحويل عملته إلى عملة أخرى هو في حاجة إليها] حكمة مشروعية الصرف والإذن به بإباحته هي الرفق بالمسلم في تحويل عملته إلى عملة أخرى هو في حاجة إليها. فلو كان عنده ذهب حوله إلى فضة، أو عنده فضة حولها إلى ذهب، أو كان عنده دينار حوله إلى درهم، هذه هي الحكمة: الرفق بالمسلمين، حتى لا يتعبوا ولا يشقوا، فتحويل عملة إلى عملة أخرى هناك حاجة إليها.

والآن مع شروطه حتى نعرف ما يجوز وما لا يجوز.

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين: [الصرف:

أولاً: تعريفه: هو بيع النقدين ببعضهما بعضاً] الصرف هو بيع النقدين، أي: الذهب والفضة ببعضهما بعضاً [كبيع دنانير الذهب بدراهم فضة] هذا هو الصرف.

إذاً الصرف هو: بيع النقدين ببعضهما بعضاً، كأن تبيع ذهباً بفضة، أو فضة بذهب.

ما حكمه بعدما عرفناه؟

قال: [ثانياً: حكمه: الصرف جائز] غير ممنوع ولا محذور ولا محرم، لِـمَ؟ [إذ هو من البيع، والبيع جائز بالكتاب والسنة] الصرف من البيع، والبيع جائز بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم [قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275]] هذا من كتابه عز وجل: [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيدٍ )].

وهذا هو إذن بالإباحة: بيعوا أيها المؤمنون الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد، فلابد من مجلس واحد يداً بيد. ليس أن تعطيه اليوم ويعطيك غداً.

ما الحكمة في جواز بيع الصرف؟

قال: [ثالثاً: حكمته: حكمة مشروعية الصرف الإرفاق بالمسلم في تحويل عملته إلى عملة أخرى هو في حاجة إليها] حكمة مشروعية الصرف والإذن به بإباحته هي الرفق بالمسلم في تحويل عملته إلى عملة أخرى هو في حاجة إليها. فلو كان عنده ذهب حوله إلى فضة، أو عنده فضة حولها إلى ذهب، أو كان عنده دينار حوله إلى درهم، هذه هي الحكمة: الرفق بالمسلمين، حتى لا يتعبوا ولا يشقوا، فتحويل عملة إلى عملة أخرى هناك حاجة إليها.

والآن مع شروطه حتى نعرف ما يجوز وما لا يجوز.

[رابعاً: شروطه: يشترط في صحة جواز الصرف التقابض في المجلس بحيث يكون يداً بيد] شرط الصرف لجوازه هو التقابض، ومعناه: أن تقبض منه ويقبض منك في المجلس بحيث يكون يداً بيد، فلا تدخل إلى بائع الذهب والفضة لتشتري منه فيقول لك: انتظرني بعد ساعة وسأعطيك الذهب. لابد من يد بيد.

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد )] قنطار بقنطارين، أو قنطار بنصف قنطار؛ لأن هذا ذهب وهذه فضة، ولكن هذا مقيد بالشرط: يداً بيد، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم معلماً مربياً مبيناً: ( بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد ) فلا حرج أن تشتري كيلو ذهب بعشرة كيلو فضة بشرط أن تكون في مجلس واحد يداً بيد.

[وقول عمر رضي الله عنه: لا والله تفارقه حتى تأخذ منه] ما قصة هذه؟ [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالورق رباً إلا هاءً وهاءً ) قاله عمر لـطلحة بن عبيد الله لما صرف منه مالك بن أوس فأخذ الدنانير، وقال له: حتى يأتي خازني من الغابة يعني فيعطيه حينئذ الدراهم].

كان مالك بن أوس يصطرف من طلحة بن عبيد الله ، فأخذ الدنانير وبدل أن يعطيه الفضة قال له: انتظر حتى يأتي الخازن من الغابة -يعني: البساتين- فلما سمع عمر ذلك صاح وقال: لا، والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، واستشهد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالورق رباً إلا هاءً وهاءً ). هذه الشروط لابد منها.

[خامساً: أحكامه] بعدما عرفنا شروط الصرف، ما هو حكمه؟ قال: [للصرف أحكام، هي:

أولاً: يجوز صرف الذهب بالذهب، والفضة بالفضة إذا اتحدا في الوزن؛ بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر]، إذا بعت ذهباً بذهب يجب أن يكون الوزن واحداً، درهم بدرهم، قنطار بقنطار.. وإذا بعت فضة بفضة يجب أن يكون الوزن واحداً بلا زيادة.

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض )] أي: لا تزيدوا بعضها على بعض أبداً [(ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل)] أي: الفضة بالفضة مثلاً بمثل [(ولا تشفوا بعضها على بعض)]. فلك أن تشتري الذهب بالذهب يداً بيد، جراماً بجرام من غير زيادة.

[( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز ) وكان ذلك في المجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالذهب رباً إلا هاءً وهاءً، والفضة بالفضة رباً إلا هاءً وهاءً )] لابد من هذا.

[ثانياً: يجوز التفاضل مع اختلاف الجنس كذهب بفضة] تشتري كيلو ذهب بقنطار فضة ولا حرج، فالذهب جنس والفضة جنس و(إذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم..) بشرط [إذا كان في المجلس] أن يكون في مجلس واحد، فنبيع الذهب بالفضة مختلفين على شرط توحد المجلس [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )] يعني: الذهب والفضة بيعوها كيف شئتم إذا كان يداً بيد.

[ثالثاً: إذا افترق المتصارفان قبل التقابض بطل الصرف] إذا أعطيت أخاك أو وضعت بين يديه شيئاً ثم افترقتما فخرج هو أو خرجت أنت إلى مكان آخر بطل الصرف، لابد من أن يكون في مجلس واحد [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إلا هاءً بهاءٍ ) وقوله: ( إلا إذا كان يداً بيد )] لابد وأن تكون حاضراً في مجلسك تعطي ثم تأخذ، ما تعطي ويقول لك : ترجع بعد ساعة مثلاً.

وهذا يقع فيه كثير من الناس عندما يريد أن يصطرف نقوداً أو ذهباً أو فضة من الصيرفي، فعليه ألا يفارقه حتى يسلِّم ما عنده ويستلم هو ما عند الصراف، فالتأجيل لا يجوز.

[المادة السابعة: في السلم] ما هو السلم أو السلف؟ هو بمعنى واحد أسلفه أو أسلمه.

تعريف بيع السلم

[أولاً: تعريفه: السلم أو السلف هو بيع موصوف في الذمة] يعني أبيعك خمسة قناطير من تمر البرح أو العجواء إلى العام المقبل، فإذا جاء وقت التمر في الخريف أخذت منك التمر الذي اشتريته [وذلك بأن يشتري المسلم السلعة المضبوطة بالوصف من طعام، أو حيوان أو غيرهما إلى أجل معين] يشتري بضاعة محدودة معروفة كميتها ولونها وهي غير موجودة ويدفع الثمن، فإذا جاء الوقت أخذها من صاحبها [فيدفع الثمن وينتظر الأجل المحدد ليتسلم السلعة فإذا حل الأجل قدم له البائع السلعة] كما هي بشروطها: وصفها وكميتها، وهذا فيه رفق بالمؤمنين.

حكم بيع السلم

[ثانياً: حكمه: حكم السلم الجواز؛ إذ هو البيع، والبيع جائز، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم )] لابد من هذه الشروط: أن يكون الكيل معلوماً، أي: الوزن معلوم، إلى أجل معلوم، أي: وقت معلوم.

[وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث_ عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد أهل المدينة من الأنصار أو الأوس يسلفون في التمر السنة والسنتين. يعني الآن لا يوجد تمر -يؤبر مثلاً- فتشتري منه قنطاراً أو قنطارين أو ثلاثة وتعطيه الثمن فإذا حل الأجل أخذت التمر الذي اشتريته منه، هذا هو السلف أو السلم.

وقول ابن عباس رضي الله عنهما: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة)، أي: من مكة مهاجراً، (وهم يسلفون) أي: يتعاملون بالسلف في الثمار، السنة والسنتين والثلاث، فأقرهم على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينههم.


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4083 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3835 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (99) 3604 استماع