سلسلة منهاج المسلم - (139)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها؛ عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.

وها قد انتهى بنا الدرس إلى هذه المادة الرابعة، وهي في بيان أنواع من البيوع الممنوعة، فيجب أن نعرفها حتى لا نعملها.

[ المادة الرابعة: في بيان أنواع من البيوع ممنوعة:

منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من البيع؛ لما فيها من الغرر المؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، و] المؤدي إلى [ الغش المفضي إلى إثارة الأحقاد والنزاع والخصومات بين المسلمين ] هذا هو التعبير الصحيح [ من ذلك ]:

أولاً: بيع السلعة قبل قبضها

[ أولاً: بيع السلعة قبل قبضها ] فلو اشتريت سيارة فلا تبعها قبل أن تقبضها .. اشتريت منزلاً فلا تبعه قبل أن تقبضه .. اشتريت ثوباً فلا تبعه قبل قبضه، فبيع السلعة قبل قبضها لا يجوز [ لا يجوز للمسلم أن يشتري سلعة ثم يبيعها قبل قبضها ممن اشتراها منه ] إذ قد يبيعها ثم لا يستطيع أن يحصل عليها، فيقول لك: انتهت أو ضاعت أو غير ذلك، فيُوجدُ الخلاف بين المسلمين، والدليل [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشتريت شيئاً ) ] يا عبد الله! [ ( فلا تبعه حتى تقبضه ) ] فإذا اشتريت شيئاً فلا تبعه لأحد حتى تقبضه ويصبح في قبضتك، ويومها وساعتها تبيع الذي في ملكك، أما مجرد أن تشتري شيئاً ولم تقبضه وتبيعه فقد لا يصح ذلك؛ فيقع الصراع والنزاع بينك وبين أخيك، وكل ما يوجد الخلاف والصراع والنزاع بين المسلمين حرام؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه ) [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه )] سواء كان طعام بر .. شعير .. خبزاً .. أي طعام .. لبناً، لا تبعه حتى يكون في قبضتك وتستوفيه، والرسول يشرع هذا التشريع؛ لأنه لا يريد أن يقع بين أولياء الله النزاع والخلاف والعداء، هذا هو السر، لأن المسلمين أمة واحدة [ قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله ].

ثانياً: بيع المسلم على بيع أخيه المسلم

[ ثانياً ] من البيوع الممنوعة المحرمة: [ بيع المسلم على المسلم ] بيع المسلم على أخيه المسلم [ لا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة ] بقيمة مثلاً [ بخمسة ] دراهم [ مثلاً، فيقول له: ردها إلى صاحبها، وأنا أبيعها لك بأربعة ] لا يجوز هذا، فبيع المسلم على المسلم حرام، كأن يشتري البضاعة بخمسة فيأتي أخوه المسلم ويقول له: رد هذه البضاعة وأنا أبيعك بأربعة؛ حتى تستفيد ريالاً، فلا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة .. سيارة .. دابة .. أو أي بضاعة بخمسة دراهم مثلاً أو آلاف أو ملايين، فيقول له: ردها إلى صاحبها وأنا أبيعك بأربعة، فلا يصح أن تأمره أن يردها للذي باعه بخمسة حتى تبيعها له بأربعة، كما لا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأنا أشتريها منك، كأن يقول: افسخ البيع الذي بينك وبين إبراهيم وأنا أشتريها منها بأكثر من ذلك، لا يحل هذا أبداً، فلا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأبطله وأنا أشتريها منك بستة، فبعد أن باعها بخمسة قال له: أنا أشتريها منك بستة إذا أبطلت البيع الأول؛ [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) ] فمادام أن البيع بينك وبين فلان فلا يجوز للثالث أن يدخل بينكما، كأن يقول: اترك هذا وأنا أشتري منك أو كذا. وهيا نحفظ هذا الحديث، ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ). وقوله: ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ). وممكن أن نحفظ هذا، وهكذا لا بد من حفظ هذه الأحاديث.

إذاً: بيع المسلم على المسلم لا يجوز، فلا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة بخمسة مثلاً، فيقول له: ردها إلى صاحبها وأنا أبيعكها بأربعة، كما لا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأنا أشتريها منك بستة وقد كانت بخمسة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض )، فمادام البيع بينك وبين فلان فلا يجوز لثالث أن يدخل بينكما قائلاً: اترك هذا وأنا أشتريه منك بكذا.

ثالثاً: بيع النجش

[ ثالثاً: بيع النجش ] حرام [ لا يجوز للمسلم أن يعطي في سلعة شيئاً ] فلا يجوز في سلعة من السلع أن يعطي فيها شيئاً من القيمة، ألفاً أو ألفين، أو مائة أو مائتين [ وهو لا يريد شراءها، وإنما من أجل أن يقتدي به السوام ] وإنما فقط يريد أن يرفع قيمتها لتباع، وهذا يفعلونه في السوق [ فيغرر بالمشتري ] ويخدعه [ كما لا يجوز أن يقول لمن يريد شراءها: إنها مشتراة بكذا وكذا كاذباً ليغرر بالمشتري ] أيضاً [ وسواءٌ تواطأ مع صاحبها أم لا ] فلا يجوز أيضاً هذا، أي أن يقول: أنا أشتريها بكذا وكذا؛ حتى يرفع قيمتها؛ وذلك [ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش )] والنجش هو: بيع سلعة مثلاً سلعة تساوي خمسة فيقول: هذه اشتريت بكذا حتى يغرر بذلك ويخدع به.

فلا يجوز أن يقول لمن يريد شراء البضاعة: إنها مشتراة بكذا وكذا كذباً ليغرر بالمشتري، فلا يجوز هذا، وهو كذب، سواء تواطأ مع صاحبها واتفقا أو لم يتفقا، والدليل هو حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش )، أي: عن بيع النجش - والعياذ بالله- [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ولا تناجشوا ) ] في حديث آخر.

رابعاً: بيع المحرم والنجس

[ رابعاً ] من أنواع البيوع المحرمة: [ بيع المحرم والنجس ] فبيع الشيء النجس ممنوع وحرام لا يجوز [ لا يجوز للمسلم أن يبيع محرماً، ولا نجساً، ولا مفضياً ] أي: مؤدياً [ إلى حرام، فلا يجوز بيع خمر ولا خنزير ولا صورة ] من الصور [ ولا ميتة ] من الميتات، مثل أن يموت له بعير فيقول: نبيعه لك، فهذا لا يجوز، أو أن تموت له شاة فيبيعها له، فلا يبع الميتة مطلقاً [ ولا صنم، ولا عنب لمن يتخذه خمراً ] فإذا كان عنده عنب فلا يبيعه لمن يصنع الخمر، وإنما يبيعه لمن يأكله، فإذا كان صاحب بستان عنب فلا يبيعه إلا لمن يأكلونه ويبيعونه، وأما أن يبيعه لفلان وهو معروف بأنه سيحوله إلى خمر فلا يجوز أن يبيعه له؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) ] والأصنام هي التماثيل [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله المصورين ) ] فما دام المصور ملعوناً فلا تباع الصورة وتشترى، والذين عندهم دكاكين للتصوير حالهم بينه الحديث الصحيح: ( إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ). لأنهم يضاهون خلق الله، ويريدون أن يخلقوا كما يخلق الله، هذا هو السبب، يريدون أن يضاهوا خلق الله عز وجل، فهو يصور إنساناً الله هو الذي صوره، فيريد أن تكون له صورة هو، وأنه هو الذي صوره، ولو سألته لقال: نعم، أنا صورته - والعياذ بالله- وهو قريب من الكفر - والعياذ بالله-. وقد طالبنا المسئولين - أيدهم الله- بأن يجعلوا في الجوازات وفي الإدارات العامة مصورين كفاراً .. يهوداً أو نصارى من أهل النار، ما دمنا مضطرين نحن إلى الصور؛ لأن الجوازات في العالم والصور أصبحت ضرورية، لكن لا نجعل مسلماً يدخل النار من أجلها، ولكن نأتي بكافر نجعل له غرفة أو دكاناً في البناية ليصور المواطنين، وهذا معقول، ولا يكلف شيئاً، لكن قد يكون هناك من يفتي بالجواز، وهذا السبب [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من حبس العنب أيام القطاف ) ] أي: اشتراه وهو يقتطف وحبسه [ ( حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمراً فقد تقحم النار ) ] والعياذ بالله [ ( على بصيرة ) ].

خامساً: بيع الغرر

[ خامساً: بيع الغرر ] من البيوع المحرمة بيع الغرر، أي: [ لا يجوز بيع ما فيه غرر، فلا يباع سمك في الماء ] فلا تبع السمك في الماء؛ فقد لا يمكنه أن يستخرجه، فلا تبع كمية من الحوت إلا بعد أن تستخرجها، فهذا لا يجوز وهو غرر [ ولا صوف على ظهر شاة ] كأن تكون شاته أمامه فيقول: أبيعك صوفها، بل انزعه أولاً، فقد لا ينزع أو كذا، فهذا لا يجوز [ ولا جنين في بطن ] أمه، كأن يكون عنده جنين في أمته فيقول: أبيعك هذا الجنين قبل أن يولد، وقد يموت، أو في بطن شاة أو بقرة أو بعير أو امرأة كما قدمنا، فهذا من الغرر والتغرير [ ولا لبن في ضرع ] فاللبن الكيلو يمكن بخمسة ريالات، فيقول: أبيعك لبن هذه الشاة، فقد يوجد فيها كيلو وقد لا يوجد، فلا يجوز هذا؛ لأنه من الغرر [ ولا ثمرة قبل بدو صلاحها ] مثل تمر .. تين .. تفاح قبل أن يبدو صلاحه، فلا يجوز بيعه، فقد لا تكون صالحة. وكل هذا من أجل الحفاظ على وحدة المسلمين، وعلى موالاتهم لبعضهم بعضاً، وعلى محبتهم لبعضهم بعضاً، فلهذا المبيعات الممنوعة كلها لصالح المسلمين [ ولا حب قبل اشتداده ] والحب: الزرع، فقبل اشتداده لا يجوز بيعه [ ولا سلعة بدون النظر إليها ] فلا تضع السلعة مغطاة وتقول له: أبيعك هذا، بل لابد من كشفها والنظر إليها [ أو تقليبها وفحصها إن كانت حاضرة ] بين يديه [ أو بدون وصفها ومعرفة نوعها ] فلا يجوز ذلك، بل لا بد من وصفها، وأن يكون نوعها معروفاً [ وكميتها إن كانت غائبة ] قنطاراً أو أكثر، هذا إذا كانت غائبة، وأما إذا كانت حاضرة فلابد من هذا [ وذلك ] كله [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر ). وقول ابن عمر رضي الله عنهما: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع تمر حتى يطعم، أو صوف على ظهر، أو لبن في ضرع، أو سمن في لبن ) ] السمن يكون في اللبن، فلا يباع السمن وما زال لم يستخرج [ وقوله ] أيضاً [ ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تزهي ) ] وتظهر [ قال: تحمر. وقال: ( إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك؟ )] يا من باعها قبل نضجها. فإذا منع الله الثمرة فلا تستحل مال أخيك، فما دامت ما نضجت .. ما طابت .. ما استوت فلا تبعها، فقد يفسدها الله [ وقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع ) ] يعني: أنك لا تنظر وإنما تلمس بيدك وتشتريه، فلا يجوز، بل لا بد من النظر إليه، والمنابذة هي أن يرمي إليه البضاعة فقط بدون أن يعرف ما فيها، وهذا لا يجوز أيضاً [ والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار ولا يقلبه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل ثوبه، وينبذ الآخر ثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ] ولا ملامسة [ ولا فحص، ولا تقليب ] فهذا كله لا يجوز.

سادساً: بيعتين في بيعة

[ سادساً: بيع بيعتين في بيعة ] لا يجوز بيع بيعتين في بيعة واحدة [ لا يجوز للمسلم أن يعقد بيعتين في بيعة واحدة، بل يعقد كل صفقة على حدة؛ لما في ذلك من الإيهام المؤدي إلى أذية المسلم، أو أكل ماله بدون حق.

ولعقد بيعتين في بيعة صور:

منها: أن يقول له: بعتك الشيء بعشرة ] مثلاً [ حالاً ] أي: نقداً [ أو بخمسة عشر إلى أجل ] مثل أن يقول: بعتك هذه السيارة بعشرة آلاف نقداً، وبعشرين إلى أجل [ ويمضي البيع، ولم يبين له أي البيعتين أمضاها ] الأولى أو الثانية فهذا لا يجوز، فإذا باعه بخمسة نقداً يقول: حالاً، وإذا أراد أن يبيعه بخمسة عشر إلى أجل فتكون بعد ذلك، ولا يتم البيع بدون تحديد؛ حتى لا تصبح بيعتين في بيعة. هذه صورة لبيعتين في بيعة.

الصورة الثانية: [ ومنها: أن يقول له: بعتك هذا المنزل مثلاً بكذا، على أن تبيعني كذا بكذا ] فهذه بيعتين في بيعة، وهذا باطل، فإذا قال: بعتك هذه الدار بألف على أن تبيعني دارك أنت بألفين مثلاً لا يجوز [ ومنها: أن يبيعه أحد شيئين مختلفين بدينار مثلاً، ويمضي العقد، ولم يعرف المشتري أي الشيئين قد اشترى ] كذلك لا يجوز؛ وذلك [ لما روي عنه صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن بيعتين في بيعة ) ] هذه قاعدة عامة، ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة ). فلابد وأن تنفصل البيعة عن أختها؛ حتى لا يقع غرر ولا أذى وضرر بين المسلمين.

سابعاً: بيع العربون

[ سابعاً: بيع العربون ] وهذا محرم أيضاً [ لا يجوز للمسلم أن يبيع بيع عربون، أو يأخذ العربون بحالٍ ] من الأحوال؛ وذلك [ لما روي عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن بيع العربون)] والله نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون [ قال مالك ] في موطئه [ في بيانه ] أي: بيع العربون [ هو أن يشتري الرجل الشيء، أو يكتري الدابة ] أو يؤجر المنزل [ ثم يقول: أعطيتك ديناراً على أني إن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك لك ] فهذا لا يجوز، مثل أن يستأجر سيارة ويقول: خذ هذه المائة ريال، وإذا لم تأخذ السيارة فخذ هذه المائة الريال، أو يقول: بعتك هذا المنزل بكذا، وإذا لم يتم البيع فهو لك، وخذ المبلغ هذا، فتقدم أولاً نقداً ثم تربطه بالبيع، هذا بيع العربون، وقد (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربون ).

نكتفي بهذا القدر. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

[ أولاً: بيع السلعة قبل قبضها ] فلو اشتريت سيارة فلا تبعها قبل أن تقبضها .. اشتريت منزلاً فلا تبعه قبل أن تقبضه .. اشتريت ثوباً فلا تبعه قبل قبضه، فبيع السلعة قبل قبضها لا يجوز [ لا يجوز للمسلم أن يشتري سلعة ثم يبيعها قبل قبضها ممن اشتراها منه ] إذ قد يبيعها ثم لا يستطيع أن يحصل عليها، فيقول لك: انتهت أو ضاعت أو غير ذلك، فيُوجدُ الخلاف بين المسلمين، والدليل [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشتريت شيئاً ) ] يا عبد الله! [ ( فلا تبعه حتى تقبضه ) ] فإذا اشتريت شيئاً فلا تبعه لأحد حتى تقبضه ويصبح في قبضتك، ويومها وساعتها تبيع الذي في ملكك، أما مجرد أن تشتري شيئاً ولم تقبضه وتبيعه فقد لا يصح ذلك؛ فيقع الصراع والنزاع بينك وبين أخيك، وكل ما يوجد الخلاف والصراع والنزاع بين المسلمين حرام؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه ) [ وقوله ] صلى الله عليه وسلم: [ ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه )] سواء كان طعام بر .. شعير .. خبزاً .. أي طعام .. لبناً، لا تبعه حتى يكون في قبضتك وتستوفيه، والرسول يشرع هذا التشريع؛ لأنه لا يريد أن يقع بين أولياء الله النزاع والخلاف والعداء، هذا هو السر، لأن المسلمين أمة واحدة [ قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله ].

[ ثانياً ] من البيوع الممنوعة المحرمة: [ بيع المسلم على المسلم ] بيع المسلم على أخيه المسلم [ لا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة ] بقيمة مثلاً [ بخمسة ] دراهم [ مثلاً، فيقول له: ردها إلى صاحبها، وأنا أبيعها لك بأربعة ] لا يجوز هذا، فبيع المسلم على المسلم حرام، كأن يشتري البضاعة بخمسة فيأتي أخوه المسلم ويقول له: رد هذه البضاعة وأنا أبيعك بأربعة؛ حتى تستفيد ريالاً، فلا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة .. سيارة .. دابة .. أو أي بضاعة بخمسة دراهم مثلاً أو آلاف أو ملايين، فيقول له: ردها إلى صاحبها وأنا أبيعك بأربعة، فلا يصح أن تأمره أن يردها للذي باعه بخمسة حتى تبيعها له بأربعة، كما لا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأنا أشتريها منك، كأن يقول: افسخ البيع الذي بينك وبين إبراهيم وأنا أشتريها منها بأكثر من ذلك، لا يحل هذا أبداً، فلا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأبطله وأنا أشتريها منك بستة، فبعد أن باعها بخمسة قال له: أنا أشتريها منك بستة إذا أبطلت البيع الأول؛ [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) ] فمادام أن البيع بينك وبين فلان فلا يجوز للثالث أن يدخل بينكما، كأن يقول: اترك هذا وأنا أشتري منك أو كذا. وهيا نحفظ هذا الحديث، ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ). وقوله: ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ). وممكن أن نحفظ هذا، وهكذا لا بد من حفظ هذه الأحاديث.

إذاً: بيع المسلم على المسلم لا يجوز، فلا يجوز للمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة بخمسة مثلاً، فيقول له: ردها إلى صاحبها وأنا أبيعكها بأربعة، كما لا يجوز أن يقول لصاحب السلعة: افسخ البيع وأنا أشتريها منك بستة وقد كانت بخمسة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع بعضكم على بيع بعض )، فمادام البيع بينك وبين فلان فلا يجوز لثالث أن يدخل بينكما قائلاً: اترك هذا وأنا أشتريه منك بكذا.