الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وبلغنا الآن أنه ترجم إلى اللغة الإنجليزية وجاءتنا منه ثلاثون نسخة، وترجم قبل ذلك إلى اللغة الفرنسية، وسينفع الله به العالم الإسلامي، وقد انتهى بنا الدرس إلى المواريث، ودرسنا منها ما يلي:

أولاً: عرفنا حكم التوارث، وأنه واجب ثابت بالكتاب والسنة، ومن يكذّب أو ينكر يكفر.

وفي المادة الثانية: أسباب الإرث وموانعه وشروطه:

وقلنا: إن أسباب الإرث، هي:

أولاً: النسب.

ثانياً: النكاح.

ثالثاً: الولاء.

هذه أسباب الإرث وبدونها فلا إرث.

ثم موانع الإرث هي:

أولاً: الكفر، فلا يرث المسلم الكافر.

ثانياً: القتل، من قتل لا يرث من قتله.

ثالثاً: الرق، فالرقيق لا يرث ولا يورث.

رابعاً: الزنا، ابن الزنا لا يرث أبداً ممن زنا بأمه.

خامساً: اللعان، فالولد الذي تلاعن عليه الأبوان لا يرث من أبيه شيئاً.

سادساً: عدم الاستهلال، فمن ولد غير مستهل لا يرث ولا يورث؛ لأنه ولد ميتاً.

وشروط الإرث عرفناها أيضاً، وهي:

أولاً:عدم وجود مانع من الموانع السابقة، إذ المانع يبطل الإرث.

ثانياً: موت الموروث ولو حكماً بأن يحكم القاضي بموت مفقود مثلاً.

ثالثاً: كون الوارث حياً يوم موت مورثه.

[المادة الثالثة: في بيان من يرث من الرجال والنساء] من هو الذي يرث من الرجال والنساء [الوارثون من الذكور وهم ثلاثة أقسام: ]

أولاً: الزوج

ثانياً: المعتق أو عصبته الذكور عند فقده

ثالثاً: الأقارب

[أولاً: الزوج: فإن الزوج يرث زوجته إذا ماتت، ولو كانت مطلقة إذا لم تنقض عدتها] أما إذا طلقت وانقضت العدة فلا ترث ولا يرثها لو ماتت، أما قبل انقضاء العدة فإن ماتت فهو يرثها وإن مات فهي ترثه [فإن انقضت عدتها فلا إرث له منها] أبداً.

[ثانياً: المعتق أو عصبته الذكور عند فقده] من أعتق عبداً فإنه يرثه إذا مات، أو عصبته يرثون من أعتقه، والآن لا عتق ولا عتاق.

[ثالثاً: الأقارب وهم أصول وفروع وحواش] الأقارب أصول وفروع وحواشٍ [فالأصول الأب والجد وإن علا] يعني: الجد وجد الجد مهما علا [والفروع الابن وابن الابن مهما نزل].

الأصول من هم؟ الأب والجد وإن علا. والفروع من هم؟ الابن وابن الابن وإن نزل مهما نزل [والحواشي القريبة وهم الإخوة وأبناؤهم وإن نزلوا] الحاشية القريبة هي الأخ وابنه وإن نزل [والإخوة لأم، والحواشي البعيدة وهم العم وابن العم وإن نزلوا أشقاء كانوا أو لأب].

أقول: الوارثون من الذكور ثلاثة أقسام:

الزوج بلا خلاف، فإن ماتت زوجته ورثها ولو كانت مطلقة إذا لم تنقض عدتها.

ثانياً: المعتقون من الرجال. أي: الذين أعتقوا العبيد يرثونهم إذا ماتوا.

ثالثاً: الأقارب وهم على ثلاثة أصناف: أصول وفروع وحواشٍ.

والأصول: هما الأب والجد وإن علا، فجد الجد يرث، والفروع من تفرعوا عن الأصول وهم: الابن وابن الابن مهما نزل، فابنك يرثك، وابن ابنك يرثك، وابن ابن ابنك يرثك، إذا مات الوارث ولم يكن إلا هو مهما نزل.

والحواشي القريبة: وهم الإخوة وأبناؤهم وإن نزلوا، أخوك وابن أخيك وابن ابن أخيك وإن نزلوا، والإخوة لأم كذلك، والحواشي البعيدة: وهم العم وابن العم وإن نزلوا أشقاء كانوا أو لأب.

[هؤلاء الذكور الوارثون، ولا يتصور وجودهم وارثين في تركة واحدة أبداً] لا يتصور عقلاً أن يرث هؤلاء كلهم في موت شخص واحد، فلا يجتمعون أبداً؛ لأن هذا يحجب هذا، وهذا يحجب ذاك وهكذا ..

فهؤلاء الذكور الوارثون لا يتصور وجودهم وارثين في تركة واحدة أبداً [وذلك لأن بعضهم يحجب بعضاً، فالأب يحجب الجد والإخوة لأم] وهكذا، فلا يمكن أن يرثوا مع بعضهم البعض؛ وذلك لأن بعضهم يحجب بعضاً، [والابن يحجب الأخ، والأخ يحجب العم وهكذا، فلو اجتمعوا كلهم في تركة فلا يرث منهم إلا ثلاثة: الزوج والابن والأب فقط] لو اجتمعوا كلهم في تركة واحدة، فالزوج له الحق أن يرث، والابن كذلك والأب، أما أبناء الأبناء والأعمام وكل هذا فلا.