كيف ندعو إلى الله


الحلقة مفرغة

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الأمين، الذي دعا إلى الله حق دعوته وجاهد في الله حق جهاده، وكان قدوةً ونموذجاً ومثالاً لما يريد الله -تبارك وتعالى- من الدعاة إليه إلى أن تقوم الساعة، وبعد:

فنشكر الله تبارك وتعالى الذي وفقنا وإياكم إلى أن نكون من الدعاة إليه، السائرين على منهج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدعوة، وأسأل الله عز وجل لنا ولكم الثبات والإخلاص والعزيمة، إنه سميع مجيب.

إن أمر الدعوة إلى الله من الفقه، وفقه الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ليس من الفقه الكبير؛ أي: من فقه الأحكام والفروع، بل من فقه الأحكام الأكبر؛ الذي هو: توحيد الله تبارك وتعالى؛ وذلك لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، فلما كان أشرف شيءٍ وأعظمه في هذا الدين هو توحيد الله تبارك وتعالى، وكانت الدعوة وسيلة إلى توحيد الله، فإنها تكون أعظم الفقه، فهي من الفقه الأكبر الذي يجب على الدعاة إلى الله وعلى طلبة العلم أن يعرفوه، وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).

إن منهج الدعوة إلى الله دين، فهو لا ينفصل عن التوحيد ذاته، وعن الأوامر الربانية، فهو من جملتها، وهو منهج اتباع لا ابتداع.

إن هذا الدين أنزله الله تبارك وتعالى لكل زمان ومكانٍ، وفرضه على البشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالأحوال تختلف، ولكن الذي لا يتغير أبداً هو هذه الأصول الثابتة في الدعوة إلى الله، والتي لو اتفق عليها الدعاة إلى الله، وسار طلبة العلم على نهجها لما اختلفوا إلا فيما يجوز الاختلاف فيه.

سبيل الدعوة وغايتها

إنَّ المنهج في الدعوة إلى الله والذي أمر الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن نقتدي به، هو كما قال عز وجل على لسان نبيه قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[يوسف:108].

وكذلك في قوله عز وجل لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[النحل:125]، وفي قوله عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت:33].

إن هذه الآيات على وجازتها تعطينا منهجاً متكاملاً للدعوة إلى الله تبارك وتعالى، تبين الغاية من الدعوة، وتبين كيفية الدعوة، وما هي الوسائل المتدرجة في الدعوة، وتبين أيضاً الانتماء في الدعوة، وتبين ما لا نستطيع أن ندركه، وإنما يفقهه الراسخون في العلم، فلو تدبَّرنا كتاب ربنا عز وجل وأخذنا العبرة من قصص الأنبياء في الدعوة، لكان لدينا في الدعوة فقه عظيم لا يعادله ولا يوازيه أي اجتهادٍ من اجتهاداتنا نحن.

فالأساس الذي يتكرر في دعوات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، يظهر في هذه الآيات التي تدل على المنهج بالذات، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[يوسف:108]، وفي الآية الأخرى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ[النحل:125] وفي الآية الثالثة: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ[فصلت:33] هذا الكلام أليس له قيمته ومدلوله لو فكرنا فيمن ندعو إليه؟

إننا ندعو إلى الله، وهل من داعية إسلامي اليوم يقول: إنه لا يدعو إلى الله؟ لا، ولكن في الحقيقة فيهم من لا يدعو إلى الله إما بإطلاق أو بشائبةٍ تشوب ذلك.

إذاً أول ما يجب أن نعرفه، هو غاية الدعوة، وهي أنها إلى الله، ولو أن الدعاة إلى الإسلام كانت دعواتهم -جميعاً- إلى الله، وكانوا ملتزمين بطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اختلفوا قط.

ولكن هل كل داعية يدعو إلى الله؟

هناك من يدعو إلى غير الله، ولكن يتخذ الدعوة إلى الله ستاراً أو وسيلة إلى ما يدعو إليه، سواء فقه ذلك وعلمه أم جهله وغفل عنه.

وهنالك من يدعو إلى طائفة معينة، ويظن أنه يدعو إلى الله، ولو سألته لقال: أنا أدعو إلى الله.

وهناك من يدعو إلى رأيه الخاص، أو إلى رأي غيره، أو شيخه، أو جماعته، أو قدوته -غير رسول الله صلى الله عليه وسلم- ويقول لك: أنا أدعو إلى الله.

هنالك من يدعو إلى اجتهاده، أو اجتهاد غيره، وإن كان فيه حق وفيه نصوص، ولكن يجب أن تنظر إلى هذا الحق وتلك النصوص من خلاله هو ومن خلال اجتهاده كما يزعم، ومع ذلك يدَّعي أنه يدعو إلى الله.

إنَّ المنهج في الدعوة إلى الله والذي أمر الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن نقتدي به، هو كما قال عز وجل على لسان نبيه قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[يوسف:108].

وكذلك في قوله عز وجل لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[النحل:125]، وفي قوله عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت:33].

إن هذه الآيات على وجازتها تعطينا منهجاً متكاملاً للدعوة إلى الله تبارك وتعالى، تبين الغاية من الدعوة، وتبين كيفية الدعوة، وما هي الوسائل المتدرجة في الدعوة، وتبين أيضاً الانتماء في الدعوة، وتبين ما لا نستطيع أن ندركه، وإنما يفقهه الراسخون في العلم، فلو تدبَّرنا كتاب ربنا عز وجل وأخذنا العبرة من قصص الأنبياء في الدعوة، لكان لدينا في الدعوة فقه عظيم لا يعادله ولا يوازيه أي اجتهادٍ من اجتهاداتنا نحن.

فالأساس الذي يتكرر في دعوات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، يظهر في هذه الآيات التي تدل على المنهج بالذات، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[يوسف:108]، وفي الآية الأخرى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ[النحل:125] وفي الآية الثالثة: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ[فصلت:33] هذا الكلام أليس له قيمته ومدلوله لو فكرنا فيمن ندعو إليه؟

إننا ندعو إلى الله، وهل من داعية إسلامي اليوم يقول: إنه لا يدعو إلى الله؟ لا، ولكن في الحقيقة فيهم من لا يدعو إلى الله إما بإطلاق أو بشائبةٍ تشوب ذلك.

إذاً أول ما يجب أن نعرفه، هو غاية الدعوة، وهي أنها إلى الله، ولو أن الدعاة إلى الإسلام كانت دعواتهم -جميعاً- إلى الله، وكانوا ملتزمين بطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اختلفوا قط.

ولكن هل كل داعية يدعو إلى الله؟

هناك من يدعو إلى غير الله، ولكن يتخذ الدعوة إلى الله ستاراً أو وسيلة إلى ما يدعو إليه، سواء فقه ذلك وعلمه أم جهله وغفل عنه.

وهنالك من يدعو إلى طائفة معينة، ويظن أنه يدعو إلى الله، ولو سألته لقال: أنا أدعو إلى الله.

وهناك من يدعو إلى رأيه الخاص، أو إلى رأي غيره، أو شيخه، أو جماعته، أو قدوته -غير رسول الله صلى الله عليه وسلم- ويقول لك: أنا أدعو إلى الله.

هنالك من يدعو إلى اجتهاده، أو اجتهاد غيره، وإن كان فيه حق وفيه نصوص، ولكن يجب أن تنظر إلى هذا الحق وتلك النصوص من خلاله هو ومن خلال اجتهاده كما يزعم، ومع ذلك يدَّعي أنه يدعو إلى الله.

هناك نقاط مهمة ينبغي للداعية أن تكون نبراساً في طريق دعوته إلى الله:

الإخلاص

يجب علينا أن نراجع أنفسنا دائماً وكل حين في قضية الإخلاص، في هذا الأمر العظيم، فإنه النقطة الأولى في طريق الدعوة، التي لا يجوز ولا ينبغي أن نتجاوزها إلى ما بعدها إلا وقد تحققت، وهي أن تكون دعوتنا خالصة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإذا دعونا الى الله، ائتلفت القلوب بإذن الله تبارك وتعالى، وتحقق الخير.

لا نستعجل النتائج والثمرات

وحينئذٍ لا نستعجل النتائج والثمرات، لأننا ندعو إلى الله، والله هو الذي تكفل بقيام هذه الدعوة، فما علينا إلا البلاغ، ولسنا بأكثر في ذلك من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، قال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى:48] فلذلك لا نخطئ الطريق.

لا نقيس عمر الدعوة بالزمن

فلا نقول: لم يتحقق هدف الدعوة إلى الله كما تقول بعض الدعوات: مضى علينا كذا من الزمن ولم يتحقق الهدف، هذا لا يوجد عندما ندعو إلى الله، إنما يوجد المحاسبة والمراجعة، وإن دعونا إلى الله حقاً، وعلى المنهج الصحيح، فالثمرة متحققة ولابد ولو لم يكن من تلك الثمرة، إلا أننا دعونا إلى الله.

هذه ثمرةٌ عظمى أننا عرفنا طريق ربنا -عز وجل- وسبيله، ودعونا إليه سواء استجاب لنا أحد أو لم يستجب، فلنا أسوةٌ بالأنبياء الكرام، الذين رآهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال: {رأيت النبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ومعه الرهط، أو الرهيط، والنبي وليس معه أحد}.

إذاً ليست المسألة حساباً عددياً، أو بكثرة الأتِّباع أيضاً، وإنما هي بالاتباع لا بالأتباع، أدعو إلى الله على بصيرة، وبالحكمة، كما في قوله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125].

يجب علينا أن نراجع أنفسنا دائماً وكل حين في قضية الإخلاص، في هذا الأمر العظيم، فإنه النقطة الأولى في طريق الدعوة، التي لا يجوز ولا ينبغي أن نتجاوزها إلى ما بعدها إلا وقد تحققت، وهي أن تكون دعوتنا خالصة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإذا دعونا الى الله، ائتلفت القلوب بإذن الله تبارك وتعالى، وتحقق الخير.

وحينئذٍ لا نستعجل النتائج والثمرات، لأننا ندعو إلى الله، والله هو الذي تكفل بقيام هذه الدعوة، فما علينا إلا البلاغ، ولسنا بأكثر في ذلك من الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، قال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى:48] فلذلك لا نخطئ الطريق.

فلا نقول: لم يتحقق هدف الدعوة إلى الله كما تقول بعض الدعوات: مضى علينا كذا من الزمن ولم يتحقق الهدف، هذا لا يوجد عندما ندعو إلى الله، إنما يوجد المحاسبة والمراجعة، وإن دعونا إلى الله حقاً، وعلى المنهج الصحيح، فالثمرة متحققة ولابد ولو لم يكن من تلك الثمرة، إلا أننا دعونا إلى الله.

هذه ثمرةٌ عظمى أننا عرفنا طريق ربنا -عز وجل- وسبيله، ودعونا إليه سواء استجاب لنا أحد أو لم يستجب، فلنا أسوةٌ بالأنبياء الكرام، الذين رآهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال: {رأيت النبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ومعه الرهط، أو الرهيط، والنبي وليس معه أحد}.

إذاً ليست المسألة حساباً عددياً، أو بكثرة الأتِّباع أيضاً، وإنما هي بالاتباع لا بالأتباع، أدعو إلى الله على بصيرة، وبالحكمة، كما في قوله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125].