سلسلة منهاج المسلم - (180)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية قاطبة: عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع الأحكام، وقد انتهينا إلى هذين التنبيهين:

[تنبيهان: الأول: في الاستبراء: يجب على من ملك أمة] أيام كان الإماء يوجدن ويملكن [يوطأ مثلها بأي وجه من أوجه الملك ألا يطأها حتى يستبرئها إن كانت تحيض فبحيضة، وإن كانت حاملاً فبوضع حملها، وإن كانت لا تحيض لصغر أو لكبر فبمدة يتأكد منها من عدم الحمل] والدليل [لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا توطأ حامل حتى تضع -أي: حملها- ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة)].

إذاً: يجب على من ملك أمة يوطأ مثلها -أي: كبيرة وأهلاً لذلك- بأي وجه من أوجه الملك، ألا يطأها حتى يستبرئها إن كانت تحيض فبحيضة؛ ليعرف أن ليس فيها حمل، وإن كانت حاملاً فبوضع حملها، وبعد ذلك يطؤها، وإن كانت لا تحيض لصغر أو لكبر فبمدة يتأكد معها من عدم الحمل، وأنها ليست بحامل؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حامل حتى تحيض حيضة).

[كما يجب على من وطئت من الحرائر بشبهة أو غصب أو زنا أن تستبرئ بثلاثة أقراء إن كانت تحيض، أو بثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض، وبوضع الحمل إن كانت حاملاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسق ماءك زرع غيرك)].

فيجب على من وطئت من الحرائر أي: جومعت بشبهة أو غصب أو زنا أن تستبرأ بثلاثة أقراء -ثلاث حيضات- إن كانت تحيض أو بثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض، وبوضع حمل إن كانت حاملاً، وبعد ذلك تتزوج وتوطأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره) فإذا كان في بطنها ولد وجامعتها فإنك سقيت بمائك هذا الولد، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسق ماءك زرع غيرك).

هذا هو الاستبراء للإماء والحرائر، فلابد أن تستبرأ وتعرف أنه ليس في بطنها شيء، وبعد ذلك تتزوجها أو تجامعها إن كانت مملوكة لك.

[الثاني: في الإحداد] ما هو الإحداد [الإحداد: هو اجتناب المعتدة ما يدعو إلى جماعها، أو يرغب في النظر إليها في الزينة والطيب والتحسين] هذا هو الإحداد.

إذاً: الإحداد هو اجتناب المعتدة ما يدعو إلى جماعها ويرغب فيها، أو في النظر إليها من الزينة والطيب والتحسين، كل هذا تمتنع منه؛ لأنه يرغب فيها.

[فيجب على المتوفى عنها زوجها: أن تحد مدة عدتها فلا تلبس جميلاً، ولا تتخضب بحناء، ولا تكتحل، ولا تمس الطيب، ولا تلبس حلياً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)، ولقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا ننهى أن نحد على ميتٍ فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب)] وهو ثوب يماني معروف عندهم فيه خطوط.

[كما يجب على المعتدة ألا تخرج من بيتها، وإن خرجت لحاجة لزمها ألا تبيت إلا في بيتها الذي توفي عنها زوجها فيه وهي به، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لمن سألته أن تتحول إلى بيت أهلها بعد وفاة زوجها: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله)] أي: الأربعة الأشهر والعشر ليال [(قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً)].

[المادة الثامنة: في النفقات] هذا دستور، والله لا يوجد على سطح الأرض دستور أعظم من الإسلام، ولكن جهلوه وما عرفوه.

[أولاً: تعريفها] ما هي النفقة؟ [النفقة: هي ما يقدم من طعام وكسوة وسكن لمن وجب له] النفقة هي ما يقدم من طعام وكسوة وسكن لمن وجب له، هذه النفقة.

[ثانياً: من تجب لهم النفقة، وعلى من تجب؟ تجب النفقة لستة أصناف، وهي] :

أولاً: الزوجة على زوجها

[أولاً: الزوجة على زوجها، سواء كانت حقيقةً كالباقية في عصمة زوجها، أو حكماً كالمطلقة طلاقاً رجعياً قبل انقضاء عدتها] فينفق عليها أيضاً [لقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)] فالزوجة والمطلقة طلاقاً رجعياً نفقتها على الزوج.

ثانياً: المطلقة طلاقاً بائناً إن كانت حاملاً

[ثانياً: المطلقة طلاقاً بائناً على مطلقها أيام عدتها إن كانت حاملاً] ينفق عليها لأجل الحمل الذي في بطنها [لقوله تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]] هو طلقها وبانت منه لكن لأجل الحمل.

ثالثاً: الأبوان على ولدهما

[ثالثاً: الأبوان على ولدهما] أي: الأم والأب ينفق عليهما ولدهما [لقوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال: أمك ثلاثاً ثم أبوك )].

فالأبوان تجب النفقة لهما على ولدهما، فهو الذي ينفق عليهما، والدليل قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، فيجب الإحسان للوالدين، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك (ثلاثاً) ثم قال في الرابعة: أبوك.

فمما تجب النفقة عليهما الأبوان -الأم والأب- والنفقة على ولدهما، والدليل قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، فأوجب الإحسان إليهما ويكون ذلك بالنفقة وغيرها، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة، فقال: أمك (ثلاثاً) ثم أبوك )، فلابد من النفقة على الولد للأبوين.

رابعاً: الأولاد الصغار على والدهم

[رابعاً: الأولاد الصغار على والدهم] الأطفال الصغار تجب نفقتهم على والدهم [لقوله تعالى وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]] وهم الأولاد الصغار قبل البلوغ [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ويقول الولد: أطعمني إلى من تدعني؟ )] أي: إلى من تتركني، فالولد يقول: أطعمني يا أباه إلى من تدعني؟

خامساً: الخادم على سيده

[خامساً: الخادم] تجب نفقته [على سيده] الذي يملكه [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق )] فيجب أن تنفق على خادمك، وأن تكسوه ولا تكلفه ما لا يستطيع القيام به من أعمال شاقة، هذا هو الهدي المحمدي.

فالخادم تجب نفقته على سيده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ) ليس حريراً ولا وذهباً ولكن بالمعروف ( ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ).

سادساً: البهائم على مالكها

[سادساً: البهائم على مالكها] كالإبل والبقر والغنم، والقطط والكلاب على مالكها أن ينفق عليها [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً، فلا هي أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل من خشاش الأرض )] فالبهائم تجب النفقة عليها من مالكها، فهذه قطة حبست فماتت فدخلت امرأة النار بذلك.

[أولاً: الزوجة على زوجها، سواء كانت حقيقةً كالباقية في عصمة زوجها، أو حكماً كالمطلقة طلاقاً رجعياً قبل انقضاء عدتها] فينفق عليها أيضاً [لقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)] فالزوجة والمطلقة طلاقاً رجعياً نفقتها على الزوج.

[ثانياً: المطلقة طلاقاً بائناً على مطلقها أيام عدتها إن كانت حاملاً] ينفق عليها لأجل الحمل الذي في بطنها [لقوله تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]] هو طلقها وبانت منه لكن لأجل الحمل.

[ثالثاً: الأبوان على ولدهما] أي: الأم والأب ينفق عليهما ولدهما [لقوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال: أمك ثلاثاً ثم أبوك )].

فالأبوان تجب النفقة لهما على ولدهما، فهو الذي ينفق عليهما، والدليل قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، فيجب الإحسان للوالدين، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك (ثلاثاً) ثم قال في الرابعة: أبوك.

فمما تجب النفقة عليهما الأبوان -الأم والأب- والنفقة على ولدهما، والدليل قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]، فأوجب الإحسان إليهما ويكون ذلك بالنفقة وغيرها، ولقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( لما سئل عن أحق الناس بحسن الصحبة، فقال: أمك (ثلاثاً) ثم أبوك )، فلابد من النفقة على الولد للأبوين.

[رابعاً: الأولاد الصغار على والدهم] الأطفال الصغار تجب نفقتهم على والدهم [لقوله تعالى وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [النساء:5]] وهم الأولاد الصغار قبل البلوغ [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ويقول الولد: أطعمني إلى من تدعني؟ )] أي: إلى من تتركني، فالولد يقول: أطعمني يا أباه إلى من تدعني؟

[خامساً: الخادم] تجب نفقته [على سيده] الذي يملكه [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق )] فيجب أن تنفق على خادمك، وأن تكسوه ولا تكلفه ما لا يستطيع القيام به من أعمال شاقة، هذا هو الهدي المحمدي.

فالخادم تجب نفقته على سيده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ) ليس حريراً ولا وذهباً ولكن بالمعروف ( ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ).


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4082 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3834 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع