أرشيف المقالات

أعظم وصية من الله تعالى لعباده المؤمنين (التوحيد ووحدة العقيدة)

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
أعظم وصية من الله تعالى لعباده المؤمنين
(التوحيد ووحدة العقيدة)
 
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.
 
اللهم صل على محمد وآله خير من اتقى الله وخير من عبد.
 
أما بعد:
فإن نور الله إذا أشرق في قلب المؤمن فإنه يحرق كل ما سواه، فلا يعظم سواه، ولا يذعن بالعبودية إلا له، خوفًا ورجاءً وإنابة وتوكلًا، وتقربًا بالطاعات وخشية وتذللًا.
فيصير موحدًا لله.
 
وكذلك إذا سطع هذا النور في القلب فإنه يبدد ظلمات الجهل فيصير مستنيرًا بشرع الله مهتديًا به لا بسواه.
 
وإذا امتلأ القلب بنور توحيد الله واتباع شرع الله، فإنه يمتلأ بمحبه الله وأولياء الله، فيعتصم معهم بحبل الله، يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 102 - 103].
 
وهذه هي أعظم وصية من الله تعالى لعباده المؤمنين.
 
أولًا: الثبات على التوحيد حتى الممات:
عن جابر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان؟ فقال: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار"[1].
 
ثانيًا: الاعتصام بحبل الله (كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم):
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض"[2].
 
ثالثًا: الاجتماع وعدم التفرق:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة"[3].
 
فهلا أخي المسلم الحبيب تآخينا وتواثقنا وتعاهدنا على إقامة مراد الله منا ووعده فينا، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].
وقال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 55].
 
ولن يكون ذلك إلا بالاجتماع على التوحيد، والاعتصام بحبل الله كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والتوحد والإخاء وعدم التفرق.
 
فهذه الثلاثة عمد هي سبيل تحقيق مراد الله منا من إقامة دين الله في الأرض، ووعده فينا بالنصر والتمكين في الدنيا وجنات النعيم في الآخرة.
 
التوحيد ووحدة العقيدة:
إن أول ما ينبغي على الإنسان العاقل أن يسأل نفسه:
1- من الذي خلقني، وأوجدني من العدم؟ وما هو قدر صفاته؟
2- ولماذا خلقني، وما ينبغي علي تجاهه؟
3- هل يستوي من علم وعمل بمقتضى ذلك مع من لم يعلم أو لا يعمل؟

فإذا علم الإنسان إجابة هذه الأسئلة، وعمل بمقتضى ذلك، كان كالشمس التي تسري وتستقيم في مسارها فتستديم وتنير الكون.
 
أما إذا لم يعلم ذلك، أو علم ولم يعمل بمقتضى ذلك، فهو كالنيزك الذي يتفلت وينطلق بلا التزام بصراط، فيصطدم بالكواكب الأخرى فيهلك ويحدث فيها أضرارًا.
 
ولذلك بعث الله الرسل، وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، ليعرفوا العباد بالله وليعلنوهم بتفرد الله بصفات الجلال والكمال، وأنه هو وحده الذي يستحق العبودية والإجلال ومن أجل ذلك خلقهم:
1- أن يعلموا عظمة خالقهم فيقدروه حق قدره في صفاته وتفرده بها.
 
2- أن يفردوه بالعبادة.
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].
 
3- أن من أثبت صفات العظمة لله تعالى وأفرده بها، وعمل بمقتضى ذلك من إفراده بالعبودية، كان مصيره إلى الجنة.
أما من كفر بذات الله أو ببعض صفاته أو أشرك معه فيها غيره، أو كفر بالعبودية لله أو أشرك معه فيها غيره كان مصيره إلى النار.
 
وتلك إجابة الأسئلة التي يجب على كل عاقل أن يسألها لنفسه، وهو ما سوف نتناوله إن شاء الله في بيان التوحيد في هذه الرسالة.
 
نسأل الله العلي القدير أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم.
 
﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102].
 
إن كل من له عقل يدرك تمامًا أن الله تعالى هو الذي خلق جميع الخلق، وأنهم لم يكونوا من قبل شيئًا، فأوجدهم ربهم من العدم.
 
قال تعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور: 35، 36].
 
فمن الذي أنشأنا من التراب وقد كنا جميعًا في طي العدم والنسيان؟
قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ﴾ [الروم: 20].
وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ [الفرقان: 54].
 
وكذلك يدرك من له أدنى بصيرة بأن كل ما يجري في الكون إنما هو بتصريف الله وتقديره وحده.
فالذي أوجده من العدم بلا شريك ولا منازع، فلا بد أن يكون له حرية وكامل التصريف فيه بلا شريك.
 
فلننظر إلى السماء، قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ [ق: 6].
 
هذه الشمس التي نراها، إنها كما يقول علماء الفلك أكبر من الأرض بأكثر من مليون مرة، ومع ذلك فلها فلك ومسار محدد تسري فيه، فكل يوم تشرق في ميعاد دقيق ووقت محدد بالدقيقة والثانية، لا هي لا تتقدم ولا تتأخر، ولا تحد يمنة ولا يسرة، مع عظم حجمها، ثم هي يدور حولها تسعة كواكب أغلبها أعظم حجمًا من الأرض، كل له مساره المحدد زمانًا ومكانًا، وهذه المجموعة الشمسية معها مئات الآلاف من المجموعات الشمسية الأخرى تكون ما يسمى بالمجرة، وكل مجموعة منها تدور حول مركز المجرة، وهذه المجرة معها مئات الآلاف من المجرات الأخرى تكون ما يسمى بالمدينة الكونية وكلها تدور حول مركز هذه المدينة الكونية، وهناك مدن كونية أخرى، مئات الآلاف من الكواكب والنجوم، مئات الآلاف من المجموعات، مئات الآلاف من المجرات، من الذي يسير كل منهم في فلكه فلا يشغله تسيير كوكب عن كوكب ولا مجموعة عن مجموعة ولا مجرة عن مجرة.
 
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [الذاريات: 47].
 
﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 38 - 40].
 
هل هذه الأفلاك لها عقل مدبر يجعلها تسير بإحكام ولا يصطدم بعضها ببعض، بل إن البشر الذين أعطاهم الله العقل، يصطدم بعضهم ببعض بقصد أو بدون قصد، ويتصارع بعضهم مع بعض، قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب، 72].
 
أي أن الله تعالى حينما خلق هذه السموات بأفلاكها وشموسها العظيمة والأراضين بجبالها العظيمة، عرض عليها أن يضع لها قوانين وتشريعات تسير عليها، ثم يترك لها الاختيار، على أن يعاقب المخالف وينعم على المتبع، فأشفقن من عظم المسؤولية وخطورة المخالفة لقوانين الله تعالى، وأسلموا أمرهم لله تعالى فهو الذي يتصرف فيهم بلا تكليف لهم، ثم حمل الإنسان تلك الأمانة وتكاليفها، فلم يسلم نفسه لشرع ربه وخالقه الذي وضع له مساره الذي لا ينصلح أمره إلا بالسير عليه ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].
 
فتلك عظمة الله في عظائم صنعته، فتعالوا لنرى عظمة الله في صغائر صنعته.
 
هذه المادة التي تتكون منها الأرض والسماء؛ تتكون من جزيئات، وهذه الجزيئات تتكون من ذرات، والذرة هي وحدة المادة كما أن المجموعة الشمسية هي وحدة الكون.
 
والذرة تتكون من نواة هي مركز الذرة وتدور حولها إلكترونات، كما تدور الكواكب حول الشمس، هذه الإلكترونات تسير بسرعة مهولة وطاقة كبيرة، بحيث أن هناك بعض الإلكترونات لو خرجت من مسارها اصطدمت بإلكترونات أخرى، وهذه تصطدم بتلك بما يسمى بسلسلة الانشطار الذري، فمن الذي يمسك كل إلكترون في مساره من قديم الأزل ومن ملايين السنين، بحيث لا يصطدم بغيره، ومن الذي يتحكم في ملايين الإلكترونات في حبة الرمل الواحدة وجعل لكل إلكترون منها مساره الخاص به، مع أنه مادة لا تبصر ولا تعقل.
 
من الذي نظمها وأحكم مساراتها مع كثرتها اللامتناهية من ملايين السنين؟
إنه هو الله، الذي لا يعجزه مهما عظم وكبر فلك دوار، ولا يفلت من بين يديه ولا يعزب عنه مهما دق وكثر ذر بليل أو نهار، لذلك لما أمر لقمان ابنه بتوحيد الله وعدم الإشراك به، لم يستدل له إلا بدليل واحد..
 
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان، 16].
 
• وكذلك عظمة الله في الحيوان والنبات.
فمن الذي نظم حبات القمح والذرة والأرز، ومن الذي نظم أوراقها ومن الذي أعطى ثمار الفاكهة اللون الجميل، والمنظر البديع، والطعم الحسن الهضيم، ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32]
 
فطعامنا الذي نأكله؛ لا يستطيع علماء العالم مع أعظم ما معهم من تكنولوجيا أن يصنعوا مقدار حبة من قمح، فالله وحده هو الذي يخلقه بلا شريك.
 
وكذلك إذا أكلناه فمن الذي يتولى تصنيعه إلى لحم وعظم ودم، فالله وحده هو الذي يتولى ذلك بلا شريك.
 
فلو اجتمع ما بأقطار الأرض من علماء مع ما أوتوا من تكنولوجيا على أن يصنعوا قطرة دم أو أظفر أو حتى شعرة ما استطاعوا!!.
 
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74].
 
﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ، 22].
 
فإذا كان الله وحده الذي خلق الخلق بلا شريك وهو المالك الملك لهم بلا شريك فلا بد وأن يكون له الأمر له وحده بلا شريك، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]
 
أي كما خلقهم بلا شريك فله الحكم والأمر فيهم وحده بلا شريك قدرًا وشرعًا، فهو وحده الملك الذي لا شريك له في حكمه ولا مناوئ له في سلطانه، وإن تناساه الخلق، فهو لعظيم حلمه أمهلهم لأجل مسمى، فإن لم يأتمروا بأمره الشرعي كما أمر على ألسنة الرسل؛ فلن يفلتوا من أمره القدري، فماضٍ فيهم حكمه وعدل فيهم قضاؤه.
 
فيجب على من أراد أن يسلك سبيل الإيمان بالله تعالى أن يقدره حق قدره في أمرين:
أولا:- أن يعلم عظيم قدر ذات الله وعظيم صفاته وحقوقها قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر، 67].
 
ثانيا:- أن يقدر الله حق قدره بإظهار العبودية له؛ باتباع ما أمر به على ألسنة الرسل، قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ * وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [الأنعام: 91، 92].
 
أي الأول تعظيم ذات الله وصفاته وأفراده فيها، والثاني، إفراد الله بالعبودية له بما أمر على ألسنة الرسل.
وهذان الأمران هما التوحيد الذي بعث به الرسل ودعوا أقوامهم إليه وهما معنى "لا إله إلا الله".



[1] رواه مسلم.


[2] صححه الألباني وقال: أخرجه مالك مرسلًا والحاكم مسندًا وصححه.


[3] صححه الألباني في الجامع وسنن الترمذي.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢