عنوان الفتوى : علاج السحر... الجائز والمحرم
أعاني أنا وزوجي من سحر التفريق والربط، والمرض حتى الموت، عقل زوجي مربوط أيضا فهو لا يدرك ما يفعل، ودائما يؤذيني بالكلام فأصبر؛ لأني أعلم أنه ليس في وعيه. وقد وصل به الأمر إلى أن قال لي: لا أريدك في المنزل، وقد وصل الأمر بيننا للطلاق مرارا.
لجأنا إلى الله، وأخذنا بالأسباب، وذهبنا للرقاة، وجميعهم قالوا إنه سحر تفريق بيننا، وقد رُشَّ لنا في غرفتنا على السرير، من أجل التفريق والنفور.
أخذنا العديد من العلاجات، ودائما نقرأ سورة البقرة، والرقية، وعلاج القرآن، لكن لا تغير في الحال.
زوجي سحروه بسحر تعطيل عن العمل، وقطع الرزق، وعلينا العديد من الديون، ولا نعلم ماذا نفعل، فنحن نصلي ونقرأ الأذكار، ونقرأ ما تيسر من القرآن.
سحرنا سحر مقابر، وأنا أعاني من ضيق الصدر والربط، وزوجي كذلك لا يمكنني البقاء في المنزل، وهو ينفر دائما، ولدي ربط رحم، لا يمكنني الحمل والإنجاب.
ذهبنا لمعالج، وقال إن بإمكانه حل السحر الأول، وذلك عن طريق خرزه نضعها في بيتنا، وقال إنها ستحمينا وستجعل المحبة بيني وبين زوجي.
هل بإمكاني اللجوء إليه؛ لكي يحل السحر الذي دمر حياتي، وأن تعود حياتنا طبيعية، كما كنا سابقا. وقد سمعت أن ذلك جائز في حالة الضرورة.
فهل يجوز أن أذهب إليه أم ماذا؟
لم أترك علاجا، وقد صبرنا كثيرا على الابتلاء، وبيتي سيُدمر إذا بقينا على هذا الحال.
هل يجوز في مثل حالتي أن ألجأ لهذا الشيخ أم لا؟
هل آخذ الخرزة/ الحجاب أم لا؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه إلى أنّه لا ينبغي التَّسرُّع والمبالغة في نسبة ما يَعْرِض للإنسان من المشكلات إلى تأثير السحر والحسد ونحوه، وإنما ينبغي النظر في الأسباب الظاهرة للمشكلات، والسعي في علاجها بالوسائل المشروعة، وعدم الاستسلام للشكوك والأوهام.
ثم اعلمي أنّ علاج السحر؛ ميسور -بإذن الله تعالى- بالأسباب المباحة، ومن أهمها: التوكل على الله، والمحافظة على الأذكار المسنونة، والرُّقى المشروعة، والإلحاح في الدعاء، مع حسن الظن بالله، ولا بأس بالرجوع إلى الثقات من المعالجين بالقرآن المعروفين بالانضباط بالشرع، والبعد عن الشعوذة والخرافات، وراجعي الفتويين: 2244 ، 10981
أمّا الذهاب إلى السحرة والمشعوذين؛ فغير جائز، ووضع خرزة في البيت يقال إنّها تحميكم، وتجلب المحبة بينك وبين زوجك؛ من باب التمائم والتولة، فهو نوع من الشرك؛ ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الرقى والتمائم والتِّوَلة شرك.
قال الذهبي -رحمه الله- في كتاب الكبائر: التمائم جمع تميمة، وهي خرزات وحروز يعلقها الجهال على أنفسهم وأولادهم، ودوابهم. يزعمون أنها ترد العين. وهذا من فعل الجاهلية، ومن اعتقد ذلك فقد أشرك.
والتولة بكسر التاء، وفتح الواو، نوع السحر، وهو تحبيب المرأة إلى زوجها. وجعل ذلك من الشرك؛ لاعتقاد الجهال أن ذلك يؤثر بخلاف ما قدر الله تعالى. انتهى.
وقال الهيتمي -رحمه الله- في الزواجر عن اقتراف الكبائر: تنبيه: عَدُّ هذين من الكبائر هو ما يقتضيه الوعيد الذي في هذه الأحاديث، لا سيما تسميته شركا، لكن لم أر أحدا صرح بذلك بخصوصه، ولكنهم صرحوا بما يفهم جريان ذلك فيه بالأولى.
نعم، يتعين حمله على ما كانوا يفعلونه من تعليق خرزة -يسمونها تميمة- أو نحوها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات، ولا شك أن اعتقاد هذا جهل وضلال، وأنه من أكبر الكبائر؛ لأنه إن لم يكن شركا، فهو يؤدي إليه؛ إذ لا ينفع ويضر ويمنع ويدفع إلا الله - تعالى -.. انتهى.
والله أعلم.